/ صحفة 17 /
والصراط المستقيم، لم يسأل كل منا عن أشياء ان تبد لنا أساءتنا، وهي مع ذلك ليست من أصول ديننا، ولا من قواعد شريعتنا؟
ألا ان الزمان قد استدار، وان ركب الأمم العالية لسائر في طريق غير الطريق الذي كنا نسير فيه، فالناس مشغولون الآن بالعلوم النافعة، والقوى الدافعة، ولم يعد في العامل موضع لأمة خاملة يعترك بنوها في غير معترك، ويحتفظون بجروحهم خضراء، ينكأها كتابهم ومؤلفوهم كلما جفت وآذنت بشفاء، لا موضع لأمة تعتقد كل طائفة فيها أن الحق وقف عليها، وأن الباطل وقف على صاحبتها، فالحق الصراح قد بينه الله لنا، وأوضحه، وجمعنا عليه، والأمور المشتبهة نحن الذين أوجدناها وغرسنا بذورها وسقيناها وتعهدناها، وإنّما تعهدنا أشواكا وقتادا يضعها بعضنا في طريق بعض، ويوقدها بعضنا ناراً حامية لا تذر من شيء أنت عليه من علاقتنا الا جعلته كالرميم.
فمنى نفقه هذا عن كتاب ربنا، وهدى نبينا؟ ومتى نرحم به أنفسنا من أنفسنا؟ (قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين، ان هو الا ذكر للعالمين، ولتعلمن نبأه بعد حين).
النداء الخامس عشر:
النداء الخامس عشر قوله تعالى:
(يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم، إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون).
لا تعارض بين هذا النداء وآيات.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
وهذه الآية يظن بعض الناس إذا قرآها أنها متعارضة مع آيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى قال بعضهم تخلصا من هذا التعارض انها نسخت، وقال بعضهم ان لها وقتا يعمل بها فيه، والتحقيق أنه لا نسخ ولا تعارض ولا توقيت، فان الله تعالى يأمرنا في هذه الآية بأن نلزم صلاح أنفسنا، وأن نزكيها بما شرعه لنا من الأحكام والأخلاق الكريمة، ونوفى له بعهد الايمان