/ صحفة 16 /
فالنهي عن السؤال عن أشياء من شأن ابدائها أن يسىء إلى أصحابنا، يتضمن النهي عن اثارة كل ما من شأنه أن يسيء إلى المسلمين، وأن يفتح في آفاقهم أبوابا من الجدل لا تحمد عواقبها، واننا لنجد أناسا يخرجون على هذه الخطة الحكيمة التي خطها القرآن ونبي الإسلام، فيكتبون كتابات، أو يؤلقون رسائل أو كتبا، يضمنونها مطاعن على اخوان لهم في الدين، لا يحققونها ولا ينصفونهم فيها، ولا يحسنون عرض فكرتهم عنها، ولا يلتمسون فيها عذرا، ولا يتحرون فيها رشدا، ولكنهم يلقون بها في اعتراض على اخوانهم ملؤه الانكار والتأليب والتنفير، فما معنى ذلك؟ وما مصلحة الإسلام والمسلمين فيه؟ ومن الذي ينتفع بذلك: أهم المؤمنون أم أعداؤهم والمتربصون بهم؟ أو ليس الخير كل الخير في أن تخفت هذه الأصوات المفرقة، وتتحطم هذه الأقلام المحطمة، ليبقى بناء المسلمين قويا، وليتفرغوا إلى ما يجب أن يتفرغوا له، ولا سيما في مثل هذا الزمان، من التقوى بالعلم والعمل، والتسلح بالخلق الكريم، والتعاون على البر والتقوى؟
والله لو استطاع المسلمون في كل طائفة من طوائفهم، وفي كل شعب من شعوبهم أن يتخلصوا من أسباب خلافهم، وأن ينحوا عن أنفسهم هذه النظريات القديمة التي قطعت بينهم، وأوغرت صدور أفرادهم وفرقهم ـ لو استطاعوا أن يتخلصوا من هذه الأشياء ولو باهمالها أو نسيانها أو وضعها في خزائن مهجورة في المكتبات، لبدأوا بذلك عهداً جديداً من التسامح والاخوة الصافية، ولأعادوا دينهم وشريعتهم إلى بساطنها وفطريتها، ولما كانوا عند الله في ذلك ملومين.
ما لنا نحن وما اختصم فيه هؤلاء وهؤلاء؟ ولم لا يسعنا ما وسع المسلمين قبلهم وقبل أ، تنشأ خلافاتهم؟ لم لا يسعنا ما وسع علياً وأبابكر وعمر وابن عباس وابن مسعود؟ وهل كان هؤلاء على نقص فأكملناه، أو على جهل فأزلناه؟ وهل كان دين الله الذي آمنوا به الا الفطرة الخالصة، والسماحة الصادقة،