صحفة 164/
قال شيخي
لحضرة الكاتب الفاضل الاستاذ احمد محمد بريري
وقالوا قد جننت فقلت كلا وربي ما جننت ولا انتشيت
ولكني ظلمت فكدت أبكى من الظلم المبين أو بكيت
فان الماء ماء أبي وجدى وبئري ذو حفرت وذو طويت
وقبلك رب خصم قد تعالوا علي فما هلعت ولا دعوت
ولكني نصبت لهم جبيني وآلة فارس حتى قريت
أحس مرارة الظلم فتغيرت حاله، وبدا كممرور، فقيل له: قد جننت فأجاب كلا، ولا سكرت، ولكني ظلمت ظلما بينا كاد يبكيني أو أبكاني. فان الماء ـ وهو محل الاختصام والاهتضام ـ ماء آبائي وأنا الذي حفر البئر وأصلحها.. ورب خصم قبلكم أرادوا أن يغلبوني على أمري، ويغتصبوا بئري، فلا والله ما هلعت ولا دعوت حليفا أستعينه، بل نصبت للمعتدى جبيني وحربتي، وهكذا حميت حمى الماء وجمعته من البئر.
قلت: يبدو أن صابحنا شاعر فارس اسلامي، لم يستطع حين اختصم، أن يحتكم إلى السيف أو الحربة كما كان يحتكم، ذلك بأن الدولة كانت قد تأسس بنيانها وارتفع، وقام قضاؤها مقام السيف في العصر الخالي.. وما كان البدوي، ذو الأنف الحمى، المتأدب بالأدب الجاهلي، ليسيغ أن يجمع الأدلة ويرفعها للقاضي كي يقضى له.. فثم وسيلة أسرع هي حربته تلك التي ينصبها فيقتضى حقه أو يهلك دونه.
/