/ صحفة 15 /
وعقد ومعاملة سكت عنها، فانه لا يجوز القول بتحريمها، فانه سكت عنها رحمة منه من غير نسيان واهمال).
وقد فند هذا الامام العلامة حجة القائلين بخلاف هذا القول، فمن شا فليرجع إليه.
موازنة بين السلف والخلف في التشقيق والتفريع:
وقد أتى على الأمة الإسلامية حين من الدهر كانت فيه مستمسكة بهذا الصراط المستقيم، وكان علماؤها أحرص الناس على عدم الإحداث فيه، أو التأنق في الزيادة عليه بتفصيل أو تأويل، فكانوا لا يحبون السؤال، ولا يسرعون إلى الافتاء، ولا يميلون إلى التشقيق والتفريع، بل كانوا يتحامون أن يتوجه إليهم سائل، فإذا قصد إلى أحدهم صرفه عن نفسه إلى آخر، فيدور السائل بسؤاله على العلماء، حتى يجد من يفتيه ان كان يستفتى في شيء وقع، أما ما لم يقع، فكان يقال له: دعه حتى يقع، ففيما وقع شغل شاغل، وهكذا لم تكثر الفروع الفرضية، ولم يتسع نطاق المعارف النظرية، ولم تكثر تبعاً لذلك الخلافات، وظل الناس اخوانا متصافين، مبادىء الإسلام العليا مبادئهم، وأهدافه الكبرى أهدافهم، والاخوة فيه رأبطتهم، وتفرغوا للفتح وتوطيد كيان الدولة، وابلاغ كلمة الله إلى العالمين، فلما غيروا هذه الخطة المثلى غير الله عليهم: كثرت فيهم البحوث النظرية، والفروع الخلافية، والفروض الفقهية، واجتلبوا لأنفسهم الأفكار الأجنبية، فوقعوا في جهد عظيم، وبلاء مقيم، واستنفدوا جهوداً طائلة فيما لا طائل تحته من الجدليات والنظريات، وجرهم ذلك إلى حب الفلج والانتصار ولو بغير الحق، وتفرقوا طرائق قددا، وطوائف عددا، فصاروا أمة بددا، يضرب بعضهم بعضا، وينسون أو اصر الود وما أمر الله به أن يوصل من الرحم رحم الإسلام، والاخوة أخوة الايمان.
هذه الآية من أسس التقريب:
ان روح هذه الآية يهدى إلى ما تدعو إليه فكرة التقريب بين المسلمين،