/صحفة 155/
لكان أعظم ضيقاً من الأتيان بكل صلاة في وقتها، لأن أوائل الأوقات وأواخرها مما لا يدركه أكثر الخاصة، فضلا عن العامة (قالوا): ومن الدليل على أن الجمع رخصة قول ابن عباس: أراد أن لا يحرج أمته، (قالوا) وأيضاً فصريح أخبار الجمع بين الفريضتين إنّما هو بأدائهما معا في وقت احداهما دون الأخرى، اما بتقديم الثانية على وقتها وأدائها مع الأولى في وقتها، أو بتأخير الأولى عن وقتها إلى وقت الثانية وأدائها وقتئذ معا (قالوا) وهذا هو المتبادر إلى الفهم من اطلاق لفظ الجمع في السنن كلها، وهذا هو محل النزاع.
(قال النووي): ومنهم من تأولها فحملها على الجمع لعذر المرض أو نحوه مما هو في معناه، (قال): وهذا قول أحمد بن حنبل والقاضي حسين من أصحابنا واختاره الخطابي والمتولى والروياني من أصحابنا، وهو المختار في تأويلها، لظاهر الأحاديث.
قلت: لا ظهور في الأحاديث ولا دلالة فيها عليه بشيء من الدول والقول به تحكم كما اعترف به القسطلاني في شرحه لصحيح البخاري(1).
وقد تعقبه بعض الأعلام أيضاً إذ قال: وقيل ان الجمع كان للمرض وقواه النووي، وفيه نظر لأنه لو جمع للمرض لما صلى معه الا من به المرض، والظاهر أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) جمع بأصحابه، وبه صرح ابن عباس في رواية ثابتة عنه انتهى(2)
قلت: ولما لم يكن لصحاح الجمع تأويل يقبله العلماء رجع قوم من الجمهور
ــــــــــ
(1) فراجع من شرحه ارشاد الساري باب تأخير الظهر إلى العصر تجد في ص 293 من جزئه الثاني ما هذا لفظه: وحمله ـ أي حديث ابن عباس في الجمع حضراً ـ بعضهم على الجمع للمرض وقواه النووي فتعقبوه بأنه مخالف لظاهر الحديث وتقييده به ترجيح بلا مرجح وتخصيص بلا مخصص. ا هـ.
(2) فراجعه في ص 263 من الجزء الأول من شرح الزرقاني لموطأ مالك في باب الجمع بين الصلاتين.
/