/ صحفة 140 /
على حسب نزولها، والمقصود بثالثها هو القرآن، فيكون آخر الخطاب مؤيداً لما يجوز أن يفهم من عموم النداء.
ولا شك أن اقامة التوراة والانجيل تقتضى الايمان برسالة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما اقتضت اقامة القرآن الايمان بالأنبياء السابقين (لا نفرق بين أحد من رسله).
وشبيه بهذا ما جاء في قوله تعالى: (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب، من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيراً، ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا).
ولكن أهل الكتاب في هذه الآية هم اليهود والنصارى فحسب، وقد أغنى عن فهم العموم من اللفظ أن المخاطبين هم أهل القرآن، فالله تعالى لا يخص هؤلاء ولا هؤلاء بمحاباة، ولكن الجميع في عدله ومجازاته سواء.
ولا ينبغي أن يفهم من هذا أن القرآن يبيح لليهود والنصارى أن يبقوا على دينهم دون أن يسلموا، فان بقاءهم على دينهم مع عدم الإسلام غير متصور أن يكون مع اثبات الإسلام أن المسيحية واليهودية مبشرتان به، ملزمتان أتباعهما بصتديقه واعتناقه، فلا يكون المؤمن بالانجيل مؤمناً به الا إذا آمن بمحمد، ولا يكون المؤمن بالتوارة مؤمناً بها الا إذا آمن بمحمد، كما لا يكون المؤمن بالقرآن مؤمناً به الا إذا آمن بموسى وعيسى وسائر النبيين:
والثاني: من الأسلوبين اللذين قرر بهما الحقيقة المشار اليها: ان جميع الناس أمام العدل الالهي سواء، فكما أنهم إذا لم يقيموا ما أنزل إليهم من ربهم ليسوا عنده على شيء، كذلك من آمن منهم بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، دون نظر إلى شيء آخر، ولا شك أن الايمان وعمل الصالحات لا ينفك عن تصديق الرسل وقبول ما جاءوا به جميعاً، دون تفريق بين رسول ورسول، ولا بين كتاب وكتاب، وذلك يقتضى اجراء حكم الله في هذه الكتب جميعا، وعلى ألسنة هؤلاء الرسل جميعا، وكلها تدعوا إلى تصديق