/ صحفة 139 /
لهذا كله أنزل الله على رسوله قوله في سورة المائدة: (قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والانجيل وما أنزل اليكم من ربكم وليزيدن كثيراً منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين. ان الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون).
4 ـ الحقيقة التي أعلنها القرسي للناس جميعاً في شأن المنتسبين إلى الاديان
لقد قرر القرآن الكريم في هاتين الآيتين حقيقة واحدة في شأن المنتسبين إلى الأديان، أبرزها بأسلوبين: أسلوب السلب، وأسلوب الايجاب:
أولهما: باعلان أهل الكتاب أن الله لا يعبأ بمجرد الانتساب إلى دين ما، دون احترام لأمر هذا الدين ونهيه وما جاء به من أحكام في العقائد أو المناهج والشرع، وذلك قوله تعالى: (قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والانجيل وما أنزل اليكم من ربكم).
والمشهور بين المفسرين أن المراد بأهل الكتاب في هذه الآية هم اليهود والنصارى، ولو أن قائلا قال: ان هذا القول موجه إلى اليهود والنصارى والمسلمين جميعا، لما كان مبعدا، فان الله تعالى يريد من الناس جميعا اعتناقا مخلصا صادقا للدين، لا مظهرا من مظاهر الانتساب إليه أياً كان هذا المظهر، وهو لا يخص بهذا اتباع دين أو دينين، وإنّما يعم به سائر المتبعين للأديان، فالمسلم الذي يكتفى بمجرد الانتساب إلى دينه، فلا يعمل بهذا الدين، ولا يقيم ما أنزل فيه من ربه، ليس على شيء، كما أن اليهودي الذي لا يقيم التوراة ليس على شيء، والنصراني الذي لا يقيم الانجيل ليس على شيء، واذن فلفظ: (أهل الكتاب) المنادى به في هذه الآية لفظ صالح لأن يراد به أتباع الأديان الثلاثة وان اشتهر اطلاقه على أتباع اليهودية والنصرانية، وقوله تعالى: (حتى تقيموا التوراة والانجيل وما أنزل اليكم من ربكم) قد ذكر فيه ثلاثة كتب مرتبة