/ صحفة 131 /
وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله الا غرورا، وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا، ويستأذن فريق منهم النبي يقولون ان بيوتنا عورة وما هي بعورة ان يريدون الا فرارا).
ولولا أن الله تعالى لطف بالمسلمين، وأنزل بالأحزاب عاصفة من الريح اقتلعت خيامهم، وأكفأت قدورهم، وأدخلت في قلوبهم الرعب، فولوا الأدبار، وردوا عن غايتهم خائبين، لولا ذلك لكان من الجائز أن يقضى على دعوة الإسلام القضاء الأخير، وفي ذلك، وفي وصف ثبات بعض المؤمنين، ونعمة الله عليهم، تقول سورة الأحزاب: (ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، ما زادهم الا ايمانا وتسليما، من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا، ليجزى الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين ان شاء أو يتوب عليهم ان الله كان غفورا رحيما، ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا، وكفى الله المؤمنين القتال، وكان الله قوياً عزيزا).
اتجاه الإسلام إلى التخلص منهم:
لم يكن من الممكن بعد هذا كله أن يبقى بين الإسلام واليهود عهد، أو أن يركن منهم إلى مظاهر مفتعلة من الود، أو أن ينتظر منهم ومن الذين ركنوا إليهم من المنافقين عود إلى خطة الرشد، وكيف تبقى بين الفريقين علاقة سلم وأمن وحسن جوار، وقد أفصحت الخيانات المتكررة عن النفوس الخبيثة، والنوايا الدنيئة، وكيف يكون من الحكمة أن يترك هؤلاء المتربصون حتى تواتيهم الفرصة فيقضوا على هذه الدعوة، ولا سيما وقد أوشك الرسول أن ينازهر الستين من عمره ودنا منه ـ كما يدنو من كل حيّ ـ اجله.
لقد قضت الحكمة الالهية أن يبت في أمر هؤلاء اليهود ومن ظاهرهم من المنافقين، وأن تحسم العلاقة التي كانت بينهم وبين المؤمنين حسبما بقى الدعوة الإسلامية من السوء، ويعصمها من مكر المكارين، وكيد الكائدين، وحينئذ