/ صحفة 129 /
على هذا الموقف بقلم بعض كبار اليهود في العصر الحاضر، هو الدكتور اسرائيل ولفنسون مؤلف كتاب (تاريخ اليهود في بلاد العرب) ونحن ننقل هذا التعليق بنصه لما فيه من الانصاف على الرغم من أنه صادر من يهودي ـ قال الدكتور اسرائيل (كان من واجب هؤلاء اليهود ألا يتورطوا في مثل هذا الخطأ الفاحش، وألا يصرحوا أمام زعماء قريش بأن عبادة الاصنام أفضل من التوحيد الإسلامي، ولو أدى بهم الأمر إلى عدم اجابة مطلبهم، لأن بني اسرائيل الذين كانوا مدة قرون حاملي راية التوحيد في العالم بين الأمم الوثنية باسم الآباء الأقدميين، والذين نكبوا بنكبات لا تحصى من تقتيل واضطهاد بسبب ايمانهم باله واحد في عصور شتى من الأدوار التاريخية، كان من واجبهم أن يضحوا بحياتهم وكل عزيز لديهم في سبيل أن يخذلوا المشركين، هذا فضلا عن أنهم بالتجائهم إلى عبدة الأصنام، إنّما كانوا يحاربون أنفسهم، ويناقضون تعاليم التوراة التي توصيهم بالنقور من أصحاب الأصنام، والوقوف منهم موقف الخصومة).
وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى بني النضير يستعينهم على دية العامريين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري، فلما خلا بعضهم ببعض قالوا لن تجدوا محمداً أقرب منه الآن، فمن رجل يظهر على هذا البيت فيطرح عليه صخرة فيريحنا منه، فقال عمرو بن جحاش بن كعب: أنا، فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخبر، فانصرف عنهم فأنزل الله تعالى في ذلك (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا اليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم، واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون.
ولما انتصر المسلمون ببدر وعلم اليهود بذلك حزنوا حزنا شديداً، وجعلوا يبدون الحسرة على قتلي قريش، وكان مما قاله كعب بن الاشرف حين علم بقتل سادات مكة: هؤلاء أشراف العرب وملوك الناس، والله لئن كان محمد أصاب هؤلاء القوم لبطن الأرض خير من ظهرها، وكعب هذا هو الذي ذهب بعد بدر إلى مكة بحرض على النبي، وينشد الاشعار، ويبكى أصحاب القليب، ثم رجع