/ صحفة 127 /
ليلبسوا الحق بالباطل، فكان القرآن ينزل فيهم فيما يسألون عنه الا قليلا من المسائل في الحلال والحرام)(1).
اهتمام القرآن بهذه الحرب:
وقد اهتم القرآن الكريم بهذه الحرب الجدلية الارجافية، فكان يتعقب مزاعم اليهود وشبههم وما يلقون به إلى النبي والمؤمنين، مفنداً اياه، مبيناً كذبهم وتعنتهم.
ألوان من أرجافهم:
فمن ذلك ما روى من أن معاذ بن جبل وبشر بن البراء قالا لفريق من اليهود: يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا، فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل شرك وتخبروننا أنه مبعوث وتصفونه لنا بصفته، فقال لهما سلام بن مشكم أحد اليهود من بني النضير: ما جاءنا بشيء نعرفه، وما هو بالذي كنا نذكره لكم، فأنزل الله في ذلك قوله: (ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم، وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به، فلعنة الله على الكافرين).
وقال رافع بن حريمة ذات يوم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا محمد ان كنت رسولا من الله كما تقول فقل لله فليكلمنا حتى نسمع كلامه، فأنزل الله تعالى في ذلك قوله: (وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية، كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم، تشابهت قلوبهم، قد بينا الآيات لقوم يوقنون).
ولما صرفت القبلة عن بيت المقدس إلى الكعبة أرجف اليهود على النبي والمسلمين ارجافا شديداً، ووجدوا في ذلك فرصة لبث سمومهم، ودس فتهم،
ــــــــــ
(1) سيرة ابن هشام على هامش (الروض الأنف) طبع مصر سنة 1332 هـ ـ 1914 م راجع صفحة 23، 24 من الجزء الثاني، وقد روى عن ابن اسحق في هذا الموضع بيان بأسماء اليهود الذي كان لهم نشاط في مناصبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم العداء.