/ صحفة 12 /
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يبترم بكثرة أسئلتهم، حتى بلغ ببعضهم ـ وكان يلاحى، أي يجادل من الناس وينازع، فيدعى إلى غير أبيه ـ أن قال: يا نبي الله من أبى؟ فأجابه عليه الصلاة والسلام قائلا: (أبوك حذافة) ثم قال: (الولد للفراش وللعاهر الحجر) وفي بعض الروايات الصحيحة: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطب فقال: (يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا) فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ـ ثم قال: ذروني ما تركتم فانما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فخذوا به ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما: (لو قلت نعم لوجبت ثم اذن لا تسمعون ولا تطيعون ولكنه حجة واحدة).
معنى الآية:
ففي هذا وأمثاله يؤدب الله المؤمنين وينهاهم أن يسألوا عن أشياء يستأنفون السؤال عنها، فلعله أن ينزل بسبب سؤالهم تشديداً وتضييق، وقد ورد في الحديث (أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته) ولكن إذا نزل القرآن بشيء، وكان الأمر فيه محتاجا إلى بيان، فان لهم أن يسألوا ليبين لهم، وقوله تعالى: (عفا الله عنها) معناه: أن ما لم يذكره الله في كتابه فهو مما عفا عنه، أي سكت عنه وتركه، فليسكتوا عنه كما سكت الله عنه، وليعلموا أن في ذلك توسعة عليهم، وفتحاً لمجال النظر والفهم وتطبيق الامور على حسب المصالج وما يكون من اختلاف الظروف والبيئات، وفي الحديث الصحيح: (ان الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدوداً فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تسألوا عنها).
وقوله تعالى: (قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين) معناه: أن هذه الأنواع من الأسئلة وأمثالها كانت ـ بالفسق من كانوا قبلكم عن أمر