/ صفحه 88 /
صالحة للعرض؟ إنها والله لقصة يقرها الدوق العربي الشرقي، وأظن الذوق الاوربي يتقبلها حسنا، وإذا عدوت بها إلى أمريكا فإن القوم هناك يجنون بها جنونا.. سجل الفكرة إذاً لشيخك واحفظ حقه في الوضع والطبع والنشر والعرض. وقد أعذر من أنذر.
ثم أراك قد حبستك كلمة صعلوك أو لص أو فانك فما عديت عن حيزها الضيق، لقد كان عروة ـ أو هذا الانسان الذي صوره لنا الرواة إن صدقاو إن كذبا ـ رجلا كريم النفس بعيد الهمة مصلحاً وردَّ لو قاد القطيع الادمي الذي عاش معه إلى سبيل الاصلاح، واقتلاع جذور الفساد، فلم يسمع نداءه حي. فلما يئس أن يسمع الصم الدعاء، قال: عليك نفسك ومن اتبعك، ولا يضركم من ضل إذا اهتديتم.. وهكذا سلك والقليلين الذين اتبعوه السلوك الذي لو استطاع لهدى الناس إليه جميعا: يأخذ من الغني للفقير ومن القوى للضعيف.
قلت: لعلنا إذا قسنا الصعاليك بمقياس الخلق الكريم، وجدناهم كرام المجتمع الذي عاشوا فيه... كان في مال عروه ـ ولو منتهبا انتهابا ـ حق معلوم للسائل والمحروم.
قال: ولتضف إلى هذا أن كسب العيش إنتهابا، كان القاعدة العامة حتى لغير الصعاليك من سراة الناس، والفرق بين الطائفتين أن طائفة تنتهت لنفسها وذويها، وطائفة أخرى ـ طائفة الصعاليك ـ تأخذ لتعطي المستحقين.
قلت: أفليس عجيبا إن هذه الطائفة الكريمة في معيار الخلق، كانت الطائفة المنبوذة، ألا ترون خوارج الجاهلية أو صعاليكها فئة ممتازة.
قال: رويدك، فما زعمت أن المجتمع الجاهلي كان مجتمعاً صالحا، أو أن سادته كانوا على خلق عظيم، ففيم كان الإسلام إذن؟
قلت: إن هؤلاء اللصوص كانوا فيما أرى فلاسفة اجتماعيين ورواد إصلاح.
قال: إذا صح هذا في صعاليك الجاهلية، فما قولك فيمن رووا سيرتهم في الإسلام.