/ صفحه 87/
من إسار العلل وما كادوا. وسولت له نفسه أن يفعل، فردها إلى مكروهها قائلا: هم صنيعتي فكيف أوردهم مورد الهلاك، وقد كانوا على شفا حفرة منه فأنقذتهم فجعل المرأة قسما من الاقسام، وما زال يقاوض صعاليكه حتى رضو أن تكون نصيبه، ولست أدرى أكان نظيرها في القسمة حملا أم ناقة؟
قال: لعلها(سلمي) المشهورة في تاريخ عروة، والتي ظلت معه ردحا من الزمن، ثم رغبت إليه في أن تزور أهلها معه، فكان لها ما أرادت. فسقوه الخمر واستوهبوه سلمي فوهبها لهم. فلما أفاق واستعد للرحيل مع زوجه إلى ديارهم ذكروه بما فرط منه، أما هي فقد أثنت عليه أطيب الثناء مبينةً له أنها على حبها إياه، كانت تتمني الموت كل يوم طوال المدة التي أقامتهامعه، إذ كان يقطع نياط قلبها أن تسمع نساء الحي يتحدثن عنها قائلات: ذهبت سبية عروة.. حاءت سبية عروة. ويندم عروة ويعلم أنها كادت له كيدا، وأنه ما كان من الحكمة أن يتبعها فيما أوحت إليه من زيارة أهلها، وفيما فعله من شرب الخمر إلى آخر المأساه.
و يتركها لذويها ويقول:
سقوني الخمر ثم تكنفوني * * * فيالله للواثي المطاع
فأصبحت الغداة الوم نفسي * * * على أمر وليس بمستطاع
و تتزوج سلمي رجلا من قومها، ويريدها على أن تثني عليه كما أثنت على عروة في ندى قومه فتتمنع مؤكدة له أنها لا تقول إلا الحق، فيصر على مشيئته، فتأتيه في الندى وهو مع عشيرته فينتفخ ويحسب أنه سامع شيئاً كالذى قالته في عروة، وتحدثت به الركبان، منتخب ظنه، وتقول عنه فيما قالت: إنه لا ينام إلا ليلة يخاف، ولا يشبع إلا ليلة يضاف،
فيخجل أيما خجل، وكان له عن الخجل غني لو أنه يعطونا قرينة الفتعال، وأيا كانت الحال، أفلا تراها قصة