/ صفحه 85/
قال: كان عروة رجلا ملاءته المروة. وفكرة العدالة الاجتماعية، لو فسقه هذا التعبير، وما أحسبه إلا فاقهه لو طرق أذنه، فكان يجمع العصاليك والضعفاء والمستضعفين، وما يزال يعني بالمريض حتى يصح أو يستريح الراحة الكبرى. على أنه لم يؤثر عنه أنه قتل مريضاً ميئوساً من شفائه.
قلت: إذن لو كان عضواً في جميعة تشريعية، ووضعت هذه المسألة: أيجوز قتل صاحب المرض العضال قلا يطعاقب قاتله، أم لا يحوز لكائن من كان أن يضع حدا لحياة إنسانية ولو حياته، ويعاقب حتى من شرع في الانتحار؟ لكان من أصحاب الرأي الثاني.
قال: لست أدرى وإن كنت أعتقد أن الكليات لا تطرد اطرادا كليامع الجزئيات، فقد تضع القاعدة العامة أو الحكم العام، ثم لا تلبث أن تجد جزئية لا تستقيم على القاعدة العامة، ومن أجل هذا أراني متحيزاً لفكرة "القاضي الشارع" وما استطاع قانون حديث أو قديم مهماً تنبا واستقصي وأجمل وفصل أن يطرح هذه الفكرة.
قلت: إنها فكرة شرعية إسلامية قرآنية أستطيع أن أبسطها...
قال: هي في غنى عن أن تبسطها أو تقبضها، فقف عند حدك أو حداللصوصية والصعلكة، وعروة بن الورد الذي كان يلم شعث الفقراء ويقول عليهم، ويغير بهم على الاغنياء... ليغتصبوا حقهم من لدنهم. لم يكن حينذاك إسلام ولا سلام بل كانت العرب تطبق حكم: "الحق للأقوى "و مقولة زهير:
و من لم يذد عن حوضه بسلاحه * * * يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم
قلت: مفهوم كلامكم أن الصعاليك كانوا رواد إصلاح في زمن عم فيه الفساد وطم، واستشرى في البلاد وعمّ. إنها
اشتراكية اتجه إليها عروة الصعاليك بمحض الغريزة، فما أظنه كان قد ألتقي في عالم الارواح "بكارل ماركس" ومن إليه ممن فكروا في النظم الاجتماعية والاقتصادية وإنتاج الثروة وتوزيعها.
قال: أعود فأقول أن من أعظم البلاء الفكرى أن يعمم الخاص، وأن يحاول