/ صفحه 83/
وسائلة أين الرحيل وسائل * * * ومن يسأل الصعلوك أين مذاهبه
مذاهبه: إن الفجاج عريضة * * * إذا ضن عنه بالنوال أقاربه
قلت: هذا الصعلوك الثاني بارد الطبع مرذول.. ألا تراه بمدعينيه إلى موجود ذوى قرباه ويود أن يمدوه بشيء أو ببعض الشيء، إلا أنهم يضنون بالشي. وببعض الشيء.. فهو يواجه المسأله، بل لعله يلحف فيها إلحافأ ولا يصرفه إلا اليأس.. لقد أقامت نفسه على الضيم، ثم أقامت فما تحولت ولا استقامت على الطريقة ـ طريقة النفس الابية ـ إلا بعد أن صدمتها الدنية ودفعتها دفعاً إلى عرض الطريق فأين هذا من ذاك؟
قال: لست أدرى أيكون "أبو النشناش، كما رأيته سائلا مرذولا لا يطرده إلا القنوط من رحمة المسئول، أم تكون تلك طريقة قولية، وأنه لم يسأل ولم يطرد وأنه استقل بأمر الحزم الحازم، لا سؤال الاقارب والاخوان والاعتراض للحرمان والهوان؟ أقول لست أدرى، ولعلي أنا أيضا مثله، أنهج نهجا قولياً في حين أنى أدرى، فأبو النشناش يقول في هذا الشعر نفسه:
و دوية قفر يحار بها القطا * * * سرت بأبي النشناش فيها ركاتبه
ليدرك ثأرا أو ليطلب مغنما * * * ألا إن هذا الدهر تترى عجائبه
إن إنسانا يدلج أو تسرى به ركائبه في الفيافى التي يحار فيها القطا على خبرته وعدم حيرته في العادة حتى ليقال للرجل الدليل الخبير بالطرق، "أدل من قطاة، إن إنسانا يركب هذا الوعر لينتهب عيشه انتهابا أو. ليدرك ثأره، غير جدير أن يكون
ما تصورت كلا فأبو النشناش ضريب زميله الشنفرى.
قلت: عبارة الشنفرى أقوى، فهي لا تحتمل ما تحتمله عبارة أبى النشناش... ثم كيف هوزميله أتتأتي زمالة بين جاهلي وإسلامي قال زميله باعتبارهما صعلوكين إذا اعتبرت الصعاليك مذ كانت الصلعكة ـ جماعة بعينها، وما أحسب اللغة تمنعني هذا الاعتبار.