/ صفحة 8/
الشرق أو الغرب دعا إليه، ثم نلتمس له وجهاً في الإسلام، أو نأطر الأدلة الشرعية عليه أطراً، فليس ذلك سواء السبيل .
* * *
3ـ وأمر ثالث يحضرني الآن وأحب أن أنبه إليه، ذلك أني سمعت أن بعض أهل العلم كان يحث الناس في بعض الجمعيات الإسلامية، على الاهتمام بالثقافة الدينية، والعناية بتربية جيل يفهم الدين والشرعية حق الفهم، ويؤمن بهما على بصيرة حق الإيمان، وأن نصلح مناهجتا وطرق دراستنا لهذه الثقافة الإسلامية إصلاحاً يتفق وهذا الاهتمام، فإن الإدراك الصحيح هو أقرب وسيلة إلى الإيمان القوي، وإن الإيمان القوي هو أكبر مدد للروح المعنوي .
سمعت ان بعض أهل العلم كان يكلم الناس بهذا، فقال قائل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حارب وجاهد بقوم لم يكونوا يعرفون من الإسلام إلا شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمّداً رسول الله، وكان العربي البدوي يدخل الإسلام بهذه الكلمة، ثم يصبح جندياً محاربا يجاهد في سبيل الله، دون أن يعرف ما قاله مالك أو أبو حنيفة أو غيرهما في المحيرة بالحيض من النساء، أو فيمن ولدت بالمشرق وزوجها غائب عنها أكثر من مدة الحمل في المغرب، ولا في زواج ثم بين إنسي وجنية،أو جني وأنسية، إلى غير ذلك من المسائل التي يشتغل بها أهل العلم الآن، والناس في جهاد لطرد الاستعمار، ومقاومة المباديء الهدامة، والمذاهب الاقتصادية الخطرة... الخ .
هذا ما يقوله بعض الموجهين للشباب، وهم فيه مغالطون، فما كانت الثقافة الإسلامية والتعاليم الإسلامية
بخافية عن الأُمة في مجموعها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وما كانت الأُمة متمثلة فقط في هذا الأعرابي البدوي الذي لا يعرف إلا الشهادتين، ولكن كان فيها رجال من فحول الفكر والرأي، وعباقرة السياسة والحرب على علم وبصيرة وإيمان، ولم يقل أحد إن النبي وأصحابه أعرضوا عن إعداد العدة، وتهيئة الأُمة بالوسائل المادية، إلى جانب