/ صفحه 76/
دع هذا عنك، فقد عفوت عنه في هجائه إياى لقوله هذا، ثم دخل أبو عباد وزير المأمون، فلما رآه من بعد، قال لإبراهيم: دعبل يجسر على أبي عباد بالهجاء ويحجم عن أحد؟ فقال له: كأن أبا عباد أبسط يدا منك يأمير المؤمنين! قال: لا، ولكنه حديد جاهل لا يؤمن، وأنا أحلم وأصفح، والله ما رأيت أبا عباد مقبلا، إلا أضحكني قول دعبل فيه:
أولي الأُمور يضيعة وفساد * * * أمر يدبره أبو عباد
و كأنه من دير هرقل مقلت * * * حرد، يجر سلاسل الاقياد
فيقول إبراهيم: زادك الله حلماً يأميرالمؤمنين وعلما، فما ينطق أحدنا إلا عن فضل علمك، ولا يحلم إلا اتباعا لحلمك.
و أهاجي دعبل أكثر وأشهر من أن يدل عليها، وإصراره على هذا المنهج في الهجاء يكشف عنه ما حكاه بعض الرواة من أنه سمعه يقول: أنا أحمل خشبتي على كتفي منذ خمسين سنة، لست أجد من يحملني عليها.

ـــــــــــ
1- شكلة: بفتح العين وكسرها ـ أم إبراهيم; ومخارق بضم الميم، وزلزل بضم الزايين والمسارق: مغنون; وكان إبراهيم يغنى.
* * *
و نسب دعبل مختلف فيه; فأبو الفرج يقول: هو دعبل بن رزين... بن عامر بن عمرو بن مزيقيا ويكنى أبو على .
و ينقل ياقوت هذا النسب عن أبي الفرج، ثم يقول: كذا قال أبو الفرج وقال آخرون: دعبل بن رزين بن عثمان بن عبدالله بن بديل بن ورقاء، يتصل نسبه بمضر; أبو على الخزاعي; وعلى هذا الاكثر.
و أنا أرحج ما ذهب إليه أبو الفرج، لان انحرافه عن نزار إلى اليمن، ومناقضته للكميت بن زيد، ثم لابي سعد المخزومي،تنم على أنه يضرب في القحطانية بعرق.
فقد نقض دعبل مذهبة الكميت في هجاء اليمن التي مطلعها:
ألا حييت عنا يا مدينا * * * وهل بأس بقول مسلمينا