/ صفحه 70/
البلاد، اذ كان نصر يضلع مع النزارية على اليمانية، وكان للازد وغيرهم من اليمانية زعماؤهم وفي مقدمتهم (جديع بن على الازدى المعني) زعيم اليمانيين المعروف بـ (الكرماني) وقد سفكت بسبيه دماء غزيرة من عرب خراسان في هذا النزاع(1)
كانت هذه العصبية القبلية وما شجر بسببها من الخلاف، من أهم العوامل في اكتساح الدعوة العباسية للاقطار الخراسانية من أولها إلى آخرها، وهي التي يسرت لصاحب الدعوة العباسية أبي مسلم الخراسانى السيطرة التامة على تلك البلاد(2)و قد تعددت المعارك الدامية بين القبيلين في مرو بزعامة الكرماني من جهة، وفرسان ربيعة وشيبان من جهة اخرى بزعامة نصر بن سيار، وفي بعض هذه المعارك قتل الكرماني زعيم اليمانيين(3)
أهواء متوارثة:
تذكرت قبائل العرب في هذا العصر ما وقع بينها من الحروب الطاحة في القرون الجاهلية الخالية، وكانت هذه الحروب سجالا طوراً للقحطانيين على النزاريين وتارة بالعكس، ومن أشهرها حروب تبع الاكبر والحروب الناجمة عن تفرق
ـــــــــــ
1- تجد ترجمة نصربن سيار أمير خراسان في الدولة الاموية ـ وأول من إولاه هشام بن عبدالملك ـ في خزانة الأدب للبغدادى (2/193) وفي جهرة النسب.
2- أنظر حكاية الخلاف بين اليمانية والنزارية في خراسان وأسبابه، تاريخ الطبري (9/37)، والكامل لابن الاثير(5/143-145).
3- راجع عن المعارك لمذكورة بين النزارية واليمانية في مرو، الكامل (5/172 - 173) وعن ظفر نصر بن سيار بالكرماني وقبله (5/72 ـ 173) ونظر عن غلبة زد بزعامة الكرماني الأزدي على مرو قاعدة خراسان ـ المصدر المذكور (162- 172) وعن ظفر نصر بن سيّار الكرمانى وقلة المصدر عينه (173) وقد أجهز أبو مسلم الخراساني على بقية آل الكرماني من أولاده وأصحابه بعد ذلك، أنظر الكامل (5/182-183).
قبائل اليمن وهجرتها إلى الشمال (1)، فعادت هذه الذكريات بالعربي في العصر الاموى وبعض العصر العباسى إلى ضغائن مجهولة وأهواء متوارثة وأحقاد دفينة ما أنزل الله بها من سلطان، وما كادت تنطفيء الثائرة بين هذه القبائل المحتربة لغير سبب معقول حتى مكرر أخرى، وكانت دعوتهم: يا لفلان، المحتربة لغير سبب معقول حتى تتضرم أخرى، وكانت دعوتهم: يا لفلان، وما إلى ذلك من نجوى الفتنة ودعوة الجاهلية التي نهى عنها الإسلام، وتوعد اهلها بأشد العقوبة والنكال، فقال الرسول الكريم: (من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا)، إذ كان الفضل في تلك الجاهلية لمن طني فسفك