/ صفحه 69/
صهر النعرات القبلية الغالية، وأذابتها في وحدة اجتماعية منقطعة النظير. ومهما كان منشأ هذه الشحناء بين القبائل العربية، فلا شك أن لخرق فريق من الامويين وسوء تصرف رهط من عمالهم أثراً كبيراً في تأجج ثيران الضغائن المذكورة بعد الإسلام، وهكذا انحرف عرب اليمن عن الامويين، وأصبحوا من أنصار الدعوة الهاشمية، وقد هاجت هذه الفتن بعد ذلك مراراً، وهي من أشهر الفتن في تاريخ الدول الإسلامية(3).
السياسة الخرقاء:

ـــــــــــ
1- انظر عن ذلك وعن كيفيه استقبال ان هبيرة لليمانية على باب مروان، مهذب تاريخ دمشق لابن عساكر (5/404).
2- يراجع في هذا الشأن سيرة ذي الاذغار من ملوك اليمن القدماء.
3 ـ أنظر عن هياج هذة الفتنة بدمشق في أيام الرشيد الاخبار الطوال (366)، والكامل لابن الاثير(6/54)، وراجع أيضاً المصدر نفسه (6/75-76)، ولاحظ ما جاء في كتبهم من الاختلاف في تاريخ وقوع الفتنة.

وكانت ولاية نصر بن سيار على خراسان من قبل الامويين شؤما عليهم مع اخلاصه وتفانيه في سبيلهم، ومع شدة وطأته على دعاة بني العباس، وتنكيله بهم. وإلى هذه السياسة الخرقاء مرد تلك الفتن والخصومات العنيفة التي نجمت بين أحياء العرب في خراسان، وفي أيام نصر هذه، أي في سنة 126 هـ تفاقم الجفاء بين النزارية واليمانية في تلك