/ صفحه 68/
حدث هذا الانشقاق في صدر الدولة الاموية، واستمرت نار الفتن تضطرم طوال العصر الاموى، وشطراً من عصر بنى العباس، وأدى ذلك إلى اعتزاز القبائل المذكورة، من عدنانية وقحطانية وقيسية وكلبية وتعلبية بدعوة الجاهلية، وكتب التاريخ الإسلامي طائحة بأخبار الفتن والحروب الناشئة عن هذه العصبيات الذميمة، ولا يبالغ من يقول: إنها من أهم العوامل في تفويض دعائم الدوله الاموية.

ـــــــــــ
1- راجع عن الاختلاف بين القيسية واليمانية في الشام والحرب بينهم في مرج رامط البيان والتبيين (1/116) والعقد الفريد (3/145-148) وانظر عن الحرب المذكورة في مرج راهط بين مروان بن الحكم والضحاك بن قيس، الاستيعاب لابن عبدالبر (1/272-273) و(335-336).
2 - من أو في المراجع في ذكر هذه الاحداث والايام أيام القبائل المذكورة وحروبها وهي حروب طاحنة كثيرة ـ كتاب أناب الاشراف للبلاذري (5/311)، وانظر (308-331) من الجزء المذكور ـ ط القدس، ومهذب تاريخ دمشق لابن عساكر (308-276) و(7/4-9) ويراجع المصدر المذكور (176-193) عن زعيم قيس وفارسها في هذه الفتنة، وهو أبوا الهيذام المري. وعن أخباره ومن قتل في الفتنة المذكورة من زعماء العرب، وانظر خزانة الأدب للبغدادي (225-326).

إلى هذه العصبيات مرد ذلك الفساد والتحزب الذي رأيناه في جيش مروان فإن مروان تعصب لقومه من نزار على اليمن، وكان حجابه يقدمون القيسية ويؤخرون القحطانية، ويسمعونهم في مجلسه وعلى بابه كلمات نابية تشعر باحتقار اليمن ولايمانية، كما كان ابن هبيرة صاحب شرطة مروان ينقل لاهل اليمن أقوالايزعم قائلوها بأن اليمايين تناسلوا من القرود إلى غير ذلك من المعتريات(1).
ولعل أصل هذه الخرافات ما جاء في بعض الروايات من أن أحد ملوك اليمن سبى قوما منكرى الوجوه تزعم اليمن أنهم النسناس(2). بيد أن اليمانيين افحموا ابن هبيرة، ودافعوا عن محندهم دفاعاً مجيدا أثار اعجاب مروان، وقد أضحكه هذا الجدل الغريب بين اليمانية والنزارية، ولعل (دارون) صاحب مذهب النشوء والارتقاء كان عيالا على ابن هبيرة في مذهبه المذكور.
ومجمل القول: بلغ الجفاء بين هذين الحيين من العرب حداً بعيداً في العصر الاموى المشار إليه، مع قرب العهد دعوة الإسلام، وهي دعوة تمكنت من