/ صفحه 66/
التي أسفرت عن هزيمة مروان على الشكل الذي انهزم به لم تثر دهشة أو استغراباً في نفوس أهل الشام، وقد استقبل

ـــــــــــ
1 ـ انظر عن أسماء القبائل التي كانت في جيش مروان ـ ومنهم قضاعة والسكاسك والسكون ـ الكامل لأبن الأثير (5/200).
2- انظر عن روح الهزيمة في جيش مروان المصدر نفسه، وانظر عن حالة هذا الجيش الآداب السلطانية لابن الطقطقي 106
3 ـ كانت الوقعة المذكورة على أحد الزابين بلا شك، والاغلب أنه الزاب الكبير. وفي بعض كتب التاريخ أنه الزاب الصغير انظر المروج (2/146).
هذا الحارث بشيء غير متوقع من رباطة الجأش في عاصمة الامويين، وأكثر من ذلك أنّا نجد أهل دمشق وحمص والاردن وفلسطين وثبوا على فلول الجيش المهزوم وأعملوا السيف فيمن يليهم من عسكر مروان، ونهبوا أمواله وذخائره، ولا عجب فإن الديار الشامية كغيرهاـ في ذلك الحين ـ سئمت الفتن والفوضى، وزهدت في تأييد قوم انغمسوا بالترف إلى الاذقان، وشغلوا باللذات عن مصالح الناس، وكان عدد المطعونين في ديانتهم من الامويين غير قليل في العصر المذكور(1).

علائم الادبار:
كانت تجيش في نفس مروان بعد اشرافه على الهزيمة أمور غريبة تخل بمركزه في الدولة وتناني مصلحة الأُمة، ومن ذلك أنه فكر وهو على مقربة من الحدود بالخروج إلى بلاد الروم والالتجاء إليهم إلا أن بعض من استشارهم فندوا رأيه في تحكيم اعداء الإسلام بنفسه وبأهل بيته ومن ينتمى إليه، وما هؤلاء الأعداء إلا الروم الذين لا يعرف عنهم الوفاء، فعدل عن ذلك(2)، وهذه من مروان الجعدى خواطر تدل على منتهي الحيرة والارتباك.
انقرضت بمقتل مروان الجعدي دولة الامويين في الشرق، وخلفتها الدولة العباسية، وإذا استثنينا بعض الانتفاضات المتفرقة في الجزيرة، وفي جيوب من بادية قنسرين، وحوران، والبلقاء قام بها بعد واقعة الزاب بعض قوّاد مروان أو بعض الزعماء الذين تربطهم به رابطة مودة قديمة، فلا نجد أثراً للمقاومة في البلاد الشامية وما إليها، وليس في الانتفاضات المذكورة ما يعبر عن رغبة يعتدبها في