/ صفحه 64/
أو الدينية في ذلك، هذا والمغرور من شباب العرب من اغتر بهذا النمط من المستشرقين وجاراهم في شططهم ودسهم أو نسج على منوالهم فيما ينشرون ويكتبون.
هذه كلمة مهدنا بها لما نحن بصدده من البحث عن الدولة العباسية، وهذا حين نتقدم إليك بالبحث المذكور.
دولة بني العباس
تمخض العالم الإسلامي في مستهل المئة الثانية عن حركة سياسية جديدة إلا أنها حركة قوية في بواعثها وتنظيمها، وهي الدعوة إلى انتزاع الملك من بني مروان، وكانت الدولة الاموية تجتاز في مستهل المئة المذكورة الثلث الاخير من المئة التي عاشت فيها: لان جميع ملك بنى أمية إحدى وتسعون سنة أو نحو ذلك، كما كانت كثرة الشعوب في الدولة تتململ من الفتن وتئن من الجور وتستغيث من العبث بالمصالح العامة، بل كان كل شيء في العصر المذكور يهىء الأذهان لقبول الدعوة الجديدة.
نبتت الدعوة الهاشمية ووضعت أسسها وقواعدها في البلقاء من أصقاع الشام إلى الجنوب بينها وبين وادى القرى، وكانت عمان وهي الحاضرة المعروفة الآن قصبة الكورة المذكورة، ومنها أي من البلقاء خرج المبشرون بهذه الدعوة إلى الامصار على يد محمد بن على العباسي ربان هذه الحركة في مطلع القرن المذكور، ثم انتقل الدعاة إلى العراق وخراسان، ويلاحظ أن النقباء الذين احتيروا للقيام بنشر الدعوة وعددهم اثنا عشر نقيباً من آحاد الرجال في الدراية والكفاية، ومع أن عمال الدولة الاموية في العراق وخراسان لم يألوا جهداً في مقارعة الدعاة وأخذهم بالشدة والتنكيل خصوصاً في خراسان، إلا أن ذلك زاد البقية الباقية منهم مضاء وإصراراً على نشر دعوتهم، وفي سنة 132 هـ أي بعد مضي ثلاثين عاماً على الشروع بالدعوة الهاشمية أعلنت الثورة العامة في الشرق بأسره، أي في خراسان وفارس و
العراق إذا استثنينا بعض الجهات النائية.