/ صفحه 57/
و أن ضعف الإيمان وترك الأعمال الصالحة لا يؤدى إلا إلى الخذلان والذل والخزى، وكانوا يجهرون دائماً بأن الهزيمة لم تصب المؤمنين والمسلمين، وإنما أصابت أناساً سمّوا أنفسهم مسلمين، وليسوا من الإسلام في شىء، انتهت تلك الحروب والعراق الذى كان مسلماً أصبح مستعمرة انكليزية.
الثورة العراقية والوحدة الإسلامية:
هنا عض علماء السنة يد الندم وأسفوا على ذهاب الدولة الإسلامية والحرمان من كل ما كانوا يتمتعون فيها من حقوق ومتاصب ورواتب، وأخذوا يفكرون في سلوك طريق تنقذهم مما وقعوا فيه، وكان علماء الشيعة لا يهمهم شىء إلا التخلص من الاستعمار عملا بالواجب الشرعي، وكان في مقدمة علماء الشيعة يومئذ الميرزا الشيرازى المجتهد الشهير ووالدى رحمها الله، ولما عدت من الاناضول بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وجدتهما في كربلاء، وقد عقدا حلفاً بين القبائل للقيام في وجه الانكليز، فوكلا إلى إعلان الثورة للتخلص من يد الاستعمار الطاغية، وأسرع إلينا علماء السنة بعد دعوتهم إلى الاشتراك في محاربة المستعمر، واتحدت كلمة العراقيين اتحاداً حقيقاً، وتأهبوا للقتال في سبيل الله
صفاً واحداً كأنهم بنيان مرصوص، تحصلت الوحدة العراقية الكاملة، وأعلنت الثورة ليلة التاسع والعشرين من شهر رمضان المبارك في كربلاء في صحن العباس بمحضر رؤساء قبائل العراق وعلمائها بأمر من المجتهدين الكبيرين الشيرازى ووالدى، وحوصرت الجيوش الانكليزية في أكثر أماكن العراق، ونشب القتال في أغلب ربوعه، وأهل السنة والشيعة يد واحدة يحاربون في سبيل الله بايمان صادق وعقيدة راسخة، وكانت لهم الغلبة، إذ صدقت العقيدة، وخلص الايمان واتحدت الكلمة.
فشل محاولة الانكليز في تفريق الكلمة:
و حاول الانكليز نفريق كلمة المسلمين لانه السلاح الوحيد الذى كانوا يستعملونه في إخضاع البلاد الإسلامية، فأرسل المندوب السامي سكرتيره (محمدحسين الكابولي) فكلم والدى عما كان يجرى الشيعة على أيدى العثمانيين من تضييع