/ صفحه 58/
الحقوق والاستهانة بهم، وقال أنه ودولته مستعدان لاعطاه للشيعة حقوقهم كي ينتقموا من أهل السنة الذين كانوا قد ظلموهم، كما أنه أرسل إلى المرحوم يوسف السويدى والشيخ أحمد داود والشيخ إبراهيم الراوى من علماء أهل السنة يحذرهم من عاقبة الثورة، وأنها تنتهي تسلط الشيعة على أهل السنة وإذلالهم والسيطرة عليهم، وعلى أثر ذلك أصدر أبي بياناً قال فيه (إن الإنكليز بصدد تفريق الكلمة، وأنهم يطمعوننا بتعيين ملك من الشيعة ليفرقوا بذلك بيننا وبين أهل السنة فلذلك فعلن على الملأ، أننا لا نطلب ملكا شيعياً، وإنما نريد جلاء الانكيز وحكومة مسلمة، ونستقبل الملك المسلم السنّي).
و انتشر هذا البيان انتشاراً هائلا في جميع أنحاء العراق، واطمأن أهل السنة وردّ كيد الكائدين في نحورهم، ودامت الحرب في العراق حتى انتهت تتويج فيصل الأول ملكا على العراق، وكان هذا الاتحاد الذي لم تزلزله دسائس الانكليز نتيجة لما جرّبه العراقيون من الحوادث المرَّة التي سببَّتها تفرقة الكلمة، فلم يعودوا إلى الضرر الذي ذاقوا مرارته.
العراق اليوم:
و العراقيون اليوم متحدون، لا فرق بين سني وشيعي وحنفي ومالكي وشافعي وحنبلي وصوفي وغيرهم، بل كل واحد منهم يشعر بأنه مسلم يوحد الله، ويؤمن بخاتم النبيين محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، كتابه القرآن، وقبلته الكعبه، وأحكامه ما جاء في الكتاب والسنة، لا فرق بينه وبين غيره من المسلمين إلا في فروع لم ينص عليها القرآن، واختلفت الاراء في استخراجها من السنة، وهي فروع لا تكاد تعد شيئاً بالنسبة إلى الاصول والفروع المتفق عليها، والجميع يتمتعون بحقوق واحدة، وهذا رئيس وزراء العراق اليوم وبعض وزرائه من الشيعة يتعاونون مع زملائهم الوزراء من أهل السنة لا يفرق عراقي بين أحد منهم وهم لله مسلمون.