/ صفحه 410/
و قبل أن أقص حكاية عاد مسدودة الثغرات، أحب أن ألم أطراف صورتها العلمية القرآنية الرائعة، في ضوء ما علق بالذاكرة من نتائج الادلة المادية المستخرجة من النصوص والمقارنات والاثار والبحوث (الجيولوجية) و(البيولوجية) و(الانتر وبولوجية) وما شاكلها من المعارف المتشابكة التي سهلها وقدمها للناس رجال الاختصاص بجهد يقل عنه شكره مهما عظم.
ضجة بابلية:
و قبل البدء يجب الاعتراف بأنني في منفاى هذا على شاطىء صور من الابيض المتوسط، لا أملك من مصادر التاريخ غير (ضوضاء بابلية) من هذيان المؤرخين القدماء، وتشويشهم في هذا الموضوع، وغير ذكريات دراسة تنقذها من العقم ملكة الفكر والتأمل والمناقشة، أما الادلة المادية من شواهد العلم الحديث فبعيدة عني الآن إنها في أدراج لا تألف منفاى المهتم بأخبار المعارك العشائرية في ظل نظام قيل: أنه ديمقراطى!
ولو كنت إزاء بطل مثل (عوج) ابن عنق، لهان الأمر، وسهل الحديث كنت ـ إذن ـ أحدثك عن أعاجيبه يوم سخر بالطوفان، وراح ينقل فوق أمواجه ساقين: قصبتا هما أطول من سارية السفينة! وكنت ـ إذن ـ في سعة الحرية الادبية،

ـــــــــــ
1- الكشاف ج 2 ص 237.

استخدم ماتشاء من خيال، واصطنع ما تشاء من إغراب، في أمن من صرامة المهج التاريخى، ورقابته العلمية.
ولكني من "عاد" إزاء حقيقة تأريخية يلزمني المنهج أن أتحدث عنها بأمانة، وأن أنقلها بواقعها نقلا مؤثراً نافعاً، باعتبارها جزءاً من ذلك (المركب) العظيم: الانسان والارض والحضارة، إنساننا وأرضنا وحضارتنا.
و أنه لو هم ذلك الرأي الذي يقول بتحرر الحاضر، كل حاضر في ماضيه، فإن الحاضر ـ في أصح الاقوال ـ إنما هو نتيجة من نتائج الماضي الحتيمة، وأن خفيت المقدمات، أو تعاصت على الافهام لخفاء أسباب الربط، ونحن الان في حاضر يأخذ برقبته ماض قديم، ويشد على خناقة بقبضة قاسية يضاعف قوتها أنها تمتد إلى عنقه في ظلام، ولكى نحرره من قسوتها، ولا أقول منها، يجب