/ صفحه 391/
أن يقال. فتلك قضايا يمتد فيها القول ويدور حتى ليدخل في دائرة الدجاجة والبيضة أيتهما أسبق وجوداً. وليس لى أن أرغب إلى الشيخ المستدرك في أن يتخلف عن الصف، وصف النحاة (الابين) فهو أخوهم ولا منفعة لى في شقاق بينهم، ولكني آخذ عليهم أن قواعدهم لم تحط باللغة إحاطة كاملة، وليت شعرى أيكون الكمال من نصيب الانسان؟ لقد جد القوم كل الجد، وفطنوا لكثير مما كان من الجائز ألا يفطنوا له، عل أنه قد فاتهم كثير. خذ مثلا بابي (البسط) و(القبض) فلست أشك في أنهم لم يستنقذوهما، إنهم عرفو وعرفونا أن العرب تمد المقصور وتقصر الممدود وترخم المنادى وتضيف النون تحلية كما تضيف الهاء في نحو ماليه و(سلطانية) إلا أن جميل بن معمر رخم بثينة غير مناد، وسماها بثينة وبثين وبثة وبثن. وما أحسب النحاة وضعوا قاعدة لصنيعة هذا. لقد بسطت العرب فزادت في حروف الاسم والفعل فقالت: لو أن عمراً هم أن يرقودا، أي يرقد. وسمت الفرقد( فرقودا).
وليلة خامدة خمودا، طخياء تغشي الجدى والفرقودا.
و قبضت فقالت: لاه ابن عمك. تريد لله ابن عمك ودرس المنا. تريد درس المنازل. إلى غير ذلك من ظواهر كثيرة مبعثرة هنا وهناك وهي جديرة أن تبحث وتدرس.
و لقد رأيت أحد زملائي في المجمع اللغوى يبدو الاهمال في ربطة رقبته. قلت: إنك لتبدو مهملا في ربطتك هذه. قال:
لقد ربطتها على الطريقة الاهمالية وهي آخر ما وصلت إليه الاناقة، ولو خيل لغير الممتازين المتأنفين أن من يتزى كذلك خارج على قواعد الزى. إنه لاغراق في الترف لا يعرفه إلا ذووه. ليقل غير المترفين إنه إهمال فلن يضير المترفين أن يقال هذا، بل هم أنفسهم سحموه: (الطريقة الاهمالية) فكذلك البدوى القح يتأنق في مقوله فتحسبه خرج على قواعد اللغة في حين أنه بلغ أوج الفصاحة، لقد تكلم على الطريقة الاهمالية كما يفعل المتأنقون في هندامهم لا في كلامهم. ولقد يضيق اصحاب النحو بمثل هذا البدوى الذي يأبى إلا أن يزج بهم في مأزق. فليجدوا لهم لا له مخرجا.