/ صفحه 375/
ملك قشتالة وطليطلة وإشبيلية وقرطبة وغيرها من بلاد أسبانيا، التي كان لا يزال يقيم فيها المسلمون إذا ذاك، طلب إلى طبيب يهودى اسمه إبراهيم الحكيم أن ينقل له من العربية إلى القشتاليه "كتاب المعراج" فأتم الترجمة في سنة 1264 ثم طلب اللمك أيضاً إلى كاتب إيطالي يعمل في خدمته اسمه بوناثنتورا من مدينة سينا أن ينقل الترجمة القشتالية إلى اللفتين اللاتينية والفرنسية القديمة فأنجزهما في نفس السنة. ويدل هذا الحرص من الملك الحكيم الذي كان في الوقت نفسه رئيساً للامبراطورية الرومانية على نقل الكتاب إلى لغات ثلاث في نفس الوقت على مبلغ تقديره لاهميته ورغبة في تيسير الاطلاع عليه وإذاعته فيما وراء الحدود الاسبانية في جميع أنحاء الامبراطورية الرومانية وغيرها من البلاد.
و لدينا دليل ظاهر على السبب الذي دعا الملك إلى الاهتمام بالكتاب وهو ظن على كل حال ولولا أن هذالظن نفسه كان من القوة بحيث وجه عالماً كبيراً من قبل وجهة معينة لما أوردناه ذلك أنه يغلب على ظني أن المترجم اليهودى وكان من المقربين إلى الملك ربما أوهمه أن الكتاب من تأليف النبي محمد نفسه، وفي أوائل النصف الثانى من القرن الميلادى الماضي وقع نظر المستشرق المعروف اشتاينشنيدر STeinse Hneider بين مخطوطات أكسفورد على عنوان كتاب المعراج مرسوما تصوره مشوهة تجمع بين أداء النطق العبرى والتحريف اللاتيني ورآه في العنوان نفسه منسوباً إلى محمد، فلم يكلف نفسه مشقة فتح الكتاب والنظر في مضمونه، ولم يتردد في أن يقرر أنه ترجمة لسورة "المعارج" من القرآن الكريم، وذلك لان المستشرقين جروا على نسبة القرآن إلى النبي نفسه.
و الواقع أن صاحب الترجمتين اللاتينية والفرنسية القديمة المنقولتين عن الترجمة القشتالية المفقودة يذكر في مقدمة كل منهما ماتعريبه: "هذا هو الكتاب الذي يسمي بالعربية "المعراج".... صنعه محمد وأعطاه هذا الاسم، وبه يسميه
الناس، وهو يشرح صعود محمد إلى السماء بطريق المعراج، كما ستسمعون فيما بلي وكيف رأي العجائب التي أطلعه الله عليها كما يقول هو نفسه، وكما يتبين في الكتاب.