/ صفحه 374/
المصدر الرئيسي الذي استقي منه دانتي الكثير من معلوماته الخاصة بوصف الحياة الاخرة. ذلك أنه في معرض كلامه عن الصلات الثقافية بين إسبانيا وفلورنسه موطن الشاعر الظيم أشار إلى الاخبار الخاصة بالسفير برونتو لاتيني الذي بعثت به فلورنسة في سنة 1260 ميلادية إلى بلاط الفونس العاشر ملك قشتاله واشبيلية وغيرها من بلاد إسبانيا، وعاد بعد سفارته إلى وطنه حاملا بعض الكتب المترجمة من العربية في عهد هذا الملك الملقب بالحكيم.
و قال أسين إنه ربما كان بين ما حمله السفير من كتب إلى فلورنسه ترجمة ما لكتاب عربي يتكلم في وصف المسلمين للحياة الاخرة. بل إن أسين اقترب إلى سر الموضوع أكثر من ذلك عند ما ذكر اسم كتاب أسباني قال باحتمال اطلاع دانتي عليه واستفادته منه مباشرة، ولم يكن يدور بخلده أن هذا الكتاب نفسه يحتوى على معلومات مستمدة من الترجمة القشتالية لكتاب المعراج التي سنتكلم عنها عن قريب.
و معني ذلك أن بحث أسين بالرغم مما احتوى عليه من رأي صحيح ومن ثروة هائلة في المعلومات استحق جمعها إعجاب المؤيدين والمعارضين ظلت أدلته في حاجة إلى حلقة واحدة ليستقيم قياسه، ولتصير نظريته سليمة مقبولة عند الجميع، بعيدة عن كل شك وطعن.
وكان هناك عالمان يعمل كل منهما مستقلا عن الاخر عكفا على البحث عن هذه الحلقة المفقودة حتى عثرا عليها في صورة ترجمة لاتينية وأخرى فرنسية لكتاب عربي اسمه (كتاب المعراج) وقد صنعت الترجمتان في عهد الفونس العاشر نفسه وبأمر منه. وهذان العالمان هما إنريكو شيرولي cerulli سفير إيطاليا في طهران في الوقت الحاضر، والثانى أسباني اسمه سندينو sendino وقد أتما بذلك بحث أسين ووضع كشفهما نهاية لم احتدم من قبل من جدال طويل
حول هذا الموضوع تجاوز أحياناً حدود الاعتدال.
وتتلخص قصة هذه الترجمة في أن ألفونس العاشر الملقب في الاسبانية بالحكيم.