/ صفحه 357/
ينهاهم الله تعالى عن إتيان النساء زمن المحيض، فيقرر لهم أولا أنه أذى، وتحت هذه الكلمة ألوان كثيرة من الضرر، عرفها الناس قديماً معرفة عملية، وعرفوها بنفرة الرجل ذى الطبع المستقيم من مس المرأة في هذه الفترة، وبنفرة المرأة من المخالطة فيها، ثم عرفها العلم الحديث بتحديد الامراض التي تترتب على مخالفة التشريع القرآنى في هذا الشأن فتصيب الرجل، وتصيب المرأة وتصيب ما عسي أن يرزقاه من ولد، فالاساس في التشريع إذن هو الرغبة في وقاية الناس من الضرر ولكن الآية تضم إلى ذلك هذه المناشدة العاطفية "إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين" كأن الله تعالى يقول لهم: إن كنتم تحبون أن أحبكم فتوبوا من ذلك وتطهروا، ومن ذا الذي لاتهتز عاطفته لهذا النداء العاطفي القوى، ثم يقول في الآية التالية "و قد موا لانفسكم، واتقوا الله، واعلموا أنكم ملاقوه، وبشر المؤمنين، تذكير لهم بأنهم مقبلون على يوم شديد لابد أن يقدموا فيه لانفسهم ما يدرأ عنهم شدته من طاعة الله، والنزول على حكمه، وأمر لهم بأن يتقوا الله، ويعلموا أنهم ملاقوه، ثم تبشير مطلق للمؤمنين، لا تختص فيه البشرى بشيء، ولا تقيد بشيء ولكن تطلق إطلاقا: "و بشر" فأية مناشدة عاطفية قلبية كهذه المناشدة؟
وقد يدمج القرآن الكريم كلتا الناحيتين إدماجا، فيخاطب العقل والعاطفة معا كما يبدو في هذا المثال الذي نشرحه بعض الشرح.
يقول الله تعالى في تحريم نكاح المشركات، والانكاح إلى المشركين: "و لا تنكحوا المشركات حتى يؤمن، ولامة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم، ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا، ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم، أولئك
يدعون إلى النار، والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه، ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون.
لاشك أن أمر النكاح، واختيار الزوجة أو الزوج أمر له اهميته وخطورته ولا شك أن البيئة الإسلامية بيئة مقتطعة من بيئة العرب المشركين، وقد كانوا