/ صفحه 35 /
ومعنى هذا صراحة أن زوجاته إما أن يكن كباقي زوجات المسلمين في العيش وفي المحافظة على أموال الأُمة: لا بذخ ولأزخرف ولا ترف، وإما الطلاق بالحسنى .
هذا هو النظام الذي يجب أن يسير عليه الحاكم حتى تستقيم أحوال المحكومين فلا محاباة لشخصه، ولا محاباة لبنيه، ولا محاباة لزوجته وذويه، وتلك هي سنة الإسلام وما يجب أن يكون عليه الحاكم في بلاد الإسلام، بل هي سنة كل حاكم إذا أراد خيراً لأمته ورفعة لدولته، وهذا هو الأساس في الإسلام وفي كل دولة قبل أن تفكر فيما يسمونه بالديمقراطية، لأن نظمها لا تجدي نفعاً إلاّ إذا كانت قائمة على طهارة النفس، تلك الطهارة التي يجب أن تكون مقدمة على الدساتير وبغيرها لا يقوم نظام للحكم سديد مهما اشتدت الدساتير وقويت .
* * * *
نظام الحكم في الإسلام:
بعد الذي قلناه وجب علينا أن نبحث في نظام الحكم في الإسلام، ولقد قلنا إن رسول الله لم يرد أن يكون ملكاً أو ديكتاتوراً، وأعلن أنه فرد من عامة المسلمين اصطفاه ربه وأوحى إليه بدستور الإسلام وهو القرآن، يقوم على تنفيذه بأمانة وصدق، ولا شيء غير ذلك، وإذا لم يكن النبي الكريم ملكاً ولا جباراً فوضعه إذن غير تلك الأوضاع التي ابتكرها اليونان وغيرهم، وإذا جاز لمسلم أن يقول بوجوب وجود حاكم للمسلمين على غرار ما يقوم به رسول الله، فأي وصف يوصف به هذا الحاكم أو ولي الأمر أو المنفذ لأوامر الله ودستور الله .
صف هذا الحاكم بما شئت من مسميات، فلقد دعا المسلمون أبا بكر الصديق باسم خليفة رسول الله، ولقبوا عمر بن الخطاب بلقب أمير المؤمنين، وكلا اللقبين لم يكن تنفيذاً لنص في الإسلام، فتسمية الحاكمين بلقب ملك أو خليفة أو سلطان أو قيصر أو إمبراطور أو شاه أو غير ذلك من الألقاب هي تسمية بشرية، والمسلمون أحرار فيها على شريطة أن يفهموا أن فوق الناس جميعاً: الملك الخالق وهو الله سبحانه وتعالى .