/ صفحه 346/
و أن ما ينبغي أن يحذر منه في هذا الشأن كثير، وقد ذيلت بتهديد عظيم لهم إذا تولوا عن طاعة الله وطاعة رسوله أو تهاونوا فلم يحذروا، وهو في معنى تحميلهم المسئولية كاملة بعد أن جاءهم الرسول بالبلاغ المبين، كأنه يقول: لا شأن لرسولنا بعد ذلك، ولاتقصير في حقكم، فان لم تنتهوا فاحملوا وحدكم إثم الاصرار، ومضار الاستكبار، وعاقبة هذا الفساد المبير، وا لشر المستطير، فليس على رسولنا إلا البلاغ والبيان، وقد جاءكم بالبلاغ والبيان.
أما الآية الرابعة: وهي آخر الايات التي جاءت في هذا النداء، فهي في مقصدها وما تقرره، شبيهة بالاية الثالثة التي آخر الايات في النداء السابق: كلتاهما تستل من قلوب المؤمنين ما لعله ساورهم من المخاوف على ما فرط منهم، أو ما عسي أن يفرط منهم، مخالفاً للحكم الذي تقرر، فالتي هناك تنفي مخاوف الذين أقسموا على أنفسهم أن يكونوا زاهدين
مترهبين، ومخاوف كل من مال ميلهم، أو أخذ نفسه بما أخذوا به نفوسهم وذلك بالتصريح بعدم المؤاخذة باللغو، وتشريع الكفارة في الحنث، والتي هنا تنفى مخاوف الذين تناولوا شيئاً من هذه الاشياء المحرمة من قبل، وفي حكمهم كل مقترف غير عامه جهل ففعل، ثم عرف فكف، ورائده التقوى والايمان والاحسان، لا يبتغي مجونا ولا عبثا، ولا يتخذ أمرالله هزوا ولا لعبا(1) وقد ذيلت الآية هناك ببيان أن القصد الالهي من أخذ الناس بهذه الاحكام وتشريعها متسمةً بالرحمة والرفق، هو أن يشكر الناس ربهم "كذلك يبين الله لكم آيانه لعلكم تشكرون" وذيلت الآية هنا بتقرير أن الله يحب المحسنين. وهو في معنى ما تقدم، لان الحب يفضى إلى رحمة المحبوب، ورحمة المحبوب تقتضى عدم مؤاخذته بما عسي أن يكون قد فرط