/ صفحه 345/
الخاصة والعامة بها، لا تحكما بالتحليل والتحريم دون مبرر، ولا رعاية فحسب لحق الالوهية في الأمر والنهى، والاباحة والحظر، ولكن مجاراة المنطق هذه ا لشريعة، فإن الذي يحل الشىء لما فيه من طيب ونفع، لابد أن يحرم ما هو ضار وخبيث، سواء أكان ضرره وخبثه يرجعان إلى الفرد، أو إلى المجتمع، وهذه هي "الوسطية" الإسلامية في الاباحة والحظر، فلا إباحة مطلقة لكل ما في هدا الوجود، تجعل الانسان بهيمياً مادياً، ولا إسراف في الحظر والمنع يكون به الانسان محروماً من تذوق لذة العيش أو قاصراً عن القيام بما أريد له من عمارة هذا الكون ولكن بين هذا وذاك إباحة مطلقة للطيبات لم يلاحظ فيها إلا أنها طيبات، وتحريم مطلق للخبائث، لم يلاحظ فيه إلا أنها خبائث.
و إذن فالصلة بين هذا النداء والذي قبله واضحة لانهما طرفان منهما تتولد أو تتحقق الوسطية الإسلامية التي ما كانت إلا صدى للفطرية البشرية.
عرض إجمالي لما جاء في آيات هذا النداء:
و قد جاء هذا النداء في أربع آيات:
الأولى: حصر لامر الخمر والميسر والانصاب والازلام ـ وهي عناصر الشر ومحيطاته وجوامعه ـ في كونها رجساً من عمل الشيطان، وقد ذيلت بالامر الصريح باجتناب هذا الرجس رجاء الفلاح.
و ا لثانية: بيان فيه شي ء من التفصيل للمفاسد التي يبتغيها الشيطان حين يزين للناس أمر هذه الاشياء من إيقاع العداوة والبغضاء بينهم، ومن صدهم عن ذكر الله، وعن الصلاة، وقد ذيلت بجملة استفهامية قوية الدلالة على طلب الكف عن هذه الموبقات.
والآية الثالثة: قد تضمنت أمراً بإطاعة الله وإطاعة الرسول، لا شك أن المقام يقتضيه في هذا الموقف تأكيداً للنهى، وحثا على تقبله والخضوع له، كما تضمنت تحذيراً مطلقاً غير واقع على محذر منه معين، ليفهم أن الخطر جسيم،