/ صفحه 291/
3 - خلق جو من العداء والخصومة بين قديم الشرق في ثقافته وبين الجديد عن تفكير الغرب. والوسيلة إلى هذه الخصومة أمر ميسر. إذ يكفي للإقناع العام في النظرة إلى تراث الشرق الثقافي الذي وصل إلى ما وصفنا نظرة هينة تنطوى على معني الاستخفاف بالنسبة إلى ثقافة الغرب الجديدة ـ أن تكون هذه الثقافة الغربية الجديدة في صحبة
حضارة الغرب الصناعية. فمخترع السيارة، والطائرة، واللاسلكي، والراديو تبدو ثقافته الفكرية التي يحملها أرجح في الوزن أمام الرأي العام من تلك الثقافة التي يحملها الشرقى ويدور في فلكها دون رعاية لواقع حياته ودون أن يصفيها حتى تدفعه دفعاً إيجابياً ليلائم بين ماضيه وحاضره، وليعيش في غده وهو على تصال بأمسه.
و أضحت الثقافة الغربية بكل مافيها من توجيه أمراً مرغوباً فيه في بلاد الشرق الإسلامي، وأصبحت الثقافة الشرقية الإسلامية حتى الاصيلة منها أمراً لا تلتزمه العقلية المشرقية في توجيها، وربما لا تطيل الدفاع عنه، وربما تسهب في تنقيصه.
4 - العمل على إيجاد مذاهب جديدة في الجماعة الإسلامية تحمل طابعاً إسلامياً، ويقوم بالدعوة إليها علماء ينتسبون لجماعة المسلمين، وتبشر بمبادىء جديدة يرضي عنها المستعمر أو يحميها كذلك، لانها تمكن له من استعمار واستغلال قوى الشرق الإسلامي لفترات طويلة.
وقد قام بالفعل في ظل الاستعمار البريطانى في الهند مذهب يدعو لنفسه ويدعى أنه من مذاهب المسلمين ـ وهو القاديانية ـ وينادى مع ذلك بصحة تولي الاجنبي عن الإسلام ولاية المسلمين العامة، على معني أنه يجب على المسلمين طاعته وأن يوكل إليه تقدير المصالح المرسلة بين المسلمين وكافة شئون الولاية العامة، حتى إعلان الحرب بين من ولي عليهم من المسلمين وبين جماعة مسلمة أخرى. كما ينادى بإلغاء فريضة "الجهاد" يدعوى أن أمر الإسلام قد استقر فلا داعي بعد هذا لفرض الجهاد. مع أن مشروعية الجهاد أصالة لدفع الاعتداء على المسلمين على أية جماعة منهم في أي موطن كانت، والاعتداء ليس أمراً موقوتا حتى يوقت الجهاد،