/ صفحه 286/
ألوان من الحزبية المذهبية، والمدرسية، والعقلية برزت في العصر العباسى على أثر دخول الثقافات الاجنبية في الجماعة الإسلامية، وشتات مختلف من التراث العقلي والديني القديم اختلط بالتعاليم الإسلامية الاصيلة، وأفهام متعددة وربما متضاربة ـ لرسالة الإسلام في الحياة الانسانية ـ أصبحت في الجماعة الإسلامية حقائق واقعة كنتيجة لدخول الثقافة الاجنبية فيها، وسيطرتها على فريق من المشتغلين بالمعرفة من علماء المسلمين.
ذات الله أصبحت مشكلة تختلف فيها الافهام، وتحتك فيها العقول عن طريق الجدل والحجة، بعد أن كانت واضحة للمسلم ا لاول.
و علاقة الانسان بالله أصبحت مشكلة ينقسم فيها الرأي إلى التقابل والتضاد، بعد أن كان المؤمن السابق يميزيين مجال نفسه ومجال خالقه في يسر ووضوح.
والرياسة العامة للمسلمين أصبحت مشكلة بدورها، ولا يخضع الرأي فيها للدين وحده، أو للمنطق وحاجات الجماعة معه، بعد أن كان الاتجاه في العمل إلى الله وفي سبيل الله.
و الزهد في السلوك العملى أصبح مشكلة فنية بعد أن كان مشكلة بين المعالم والحدود.
و القرآن نفسه ـ وهو رسالة الله، ومن الله وحده، ولله خالصا ـ أصبح يجذب في تفسير إلى معرفة الانسان التي اتسمت باسم الفلسفة، أو إلى تصورات الانسان في الكون التي آلت إليه عن طريق الاعتقادات السابقة في شعوب الاريين أو الساميين، أو الحاميين. وهكذا أضحي الإسلام مشاكل، وأضحت حلولها وقفاً على الجدل النظرى.
و الشهرستاني ـ وهو في مقدمة المؤرخين للحياة الثقافية على عهد العباسيين يؤرخ لعشرات من الفرق الإسلامية، وغير الأسلاميه ولعشرات من الملل والنحل التي بقى طابعها الاصيل عالقاً بها، ولعشرات من المذاهب الفكرية والبصرية التي