/ صفحه 285/
و هندية كعامل مؤثر في الدراسات الإسلامية أو كعامل موجه فيها، ولم تقف هذه الثقافة على هامش الحياة في الجماعة الإسلامية، ولم تحتك فقط بالجوانب غير الرئيسية فيها وإنما اتصلت بالموجه الاصيل فيها وهو القرآن الكريم وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام. وإذن فقد اتصلت بالاساس الذي دارت وتدور حوله الدراسات الإسلامية، وعن هذا الاتصال رأينا اتجاهات لم تكن معهودة من قبل في الجماعة الإسلامية: وعن هذا الاتصال رأيتااتجاه الفلاسفة، واتجاه المتصوفة، واتجاه أهل الباطل، واتجاه أرباب الظاهر، بجانب اتجاه المتكلمين على اختلاف فرقهم، والفقهاء على تعدد مدارسهم.
و رأينا الإسلام في جانب الله يفسر في ضوء المدرسة الارسطية الاغريقية مرة، وفي ضوء الزرادشتية والمانوية الفارسية مرة أخرى، وفي ضوء البرهمية الهندية مرة ثالثة، وأحيانا في ضوه الوثنية المصرية القديمة مشتبكة مع بعض
المدارس الفلسفية الاغريقية مرة رابعه... وهكذا.
و رأينا فريقاً من علماء المسلمين لا يسايرون الرأي العام الإسلامي إلى وقتهم في فهم تعاليم الإسلام، ويميلون إلى شرح غريب منه: مفاده أن الإسلام له باطن وظاهر، وأن ظاهره لعامة المسلمين وباطنة لخاصتهم، وهم العلماء ـ يعنون أنفسهم وبناء على هذا الشرح فرسالة الإسلام متفاوتة بين العامة والخاصة، وهذا وضع يختلف تماما عن وضع الإسلام على عهد صاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام:
إذ كان الامي والمتعلم سواء، وأهل الحضر كسكان البادية، والاعرابي البعيد عن التفقة كالفقيه من "الصحابة" عليهم رضوان الله في التكليف بالاسلام والعمل بتعاليمه.
و رأينا القرآن يفسر مرة برأي أرباب "وحدة الوجود" من المتصوفة كما قد يفسر برأي الطبيعيين من فلاسفة الاغريق في أصل العالم والافلاك وعقولها، كما قد يخرج كثير من آية على أنها نمط من التمثيل أو على أنها ضرب من ضروب المجاز والمبالغة في الوصف.