/ صفحه 282/
فهل يشترط في الخليفة أن يكون من بيت الرسالة، أم يكفى أن يكون معروفا بالكفاية الذاتية والدينية لتولى هذه الوظيفة ولو لم يكن من بيت الرسالة ومن قبيلة الرسول؟
و لا يهمنا في هذا البحث أن تحقق باعث الخلاف في الرأي سواء حول الامامة العامة ومؤهلاتها، أو حول تقدير عمل الامام والحكم عليه ـ أيرجع إلى الرغبة في تحرى الحق وحده ومعرفة وجه الصواب، أم إلى عاطفة من العواطف الشخصية وإن كان الذي يذكر في كتب التاريخ هنا أن هذا الفريق أو ذاك قصد الحق في رأيه، وأنه بخلاف أراد أن بجنب الجماعة العمل بما يخالف الإسلام. كما يذكر أيضاً أن كل فريق حاول أن يبرر رأيه من الكتاب والسنة. يستشهد بالنصوص على رأيه، وقد يحملها حملا على رأي رغب فيه.
إنما الذي يهمنا الآن أن الجماعة الأولى التي كانت واحدة ابتدأت الآن تحت تأثير العنصر القبلى أو العنصر السياسى (حول مسئولية الخلافة العامة) تنقسم إلى أحزاب. لكل حزب رأيه، ومبررات هذا الرأي من الدين. وأصبح المؤرخ السياسي الثقافي والاجتماعى يسجل لكل من "الخوارج" و"الشيعة" نشاطه في تاريخ الثقافة الإسلامية كحزبين متقابلين. واتسع الأمر بعد ذلك في أيام معاوية حتى قام إلى جانب هذين الحزبين فريق المعتزلة، أصحاب القول بالاختيار وبأن الانسان مسئول عن عمله وتصرفاته بناء على أنه صاحب إرادة وصاحب حرية في أفعاله، وفريق أصحاب القول بالجبر الذين ينادون بسلبية الانسان في الحياة فيما يرى له من أعمال، ويرجعون العمل جميعه في هذا الوجود صغيره وكبيره إلى الله تعالى.
و في واقع الأمر قامت هذه الاحزاب جميعا بدور واضح في شرح تعاليم الإسلام وأصوله، وتكونت من شروحها عدة مدارس تعتبر متقابلة ومتفاوتة في وجهات النظر، وإن تأثرت جميعها بالجانب السياسى السائد في توجيه الجماعة الإسلامية.
ففريق الخوارج له رأيه الخاص في الحكومة ورياسة الدولة، والشيعة لهم رأيهم