/ صفحه 281/
لم تبدل ـ بالاختصار ـ حال المسلمين، واتجاه المسلمين في التفكير، وأصبحوا قوميات وشعوبا ولم يبقوا أمة واحدة; وأصبحت لهم رسالات مذهبية متعددة بدل رسالة دينية عامة واحدة؟
إن الدراسات التي نشأت حول الإسلام وحول مصدره الأول وهو القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة منذ الدعوة الإسلامية (610 ميلادية) إلى الآن تأثرت بعدة عوامل، وكان لهذا العوامل أثرها في نمو هذه الدراسات وتطورها من جهة، ثم في بعد بعضها عن أن تكون صورة صادقة واضحة للاسلام كماجاء بها القرآن وشرحتها السنة النبوية الصحيحة من جهة أخرى. ثم من جهة ثالثة أحدثت هذه العوامل من ألوان الفرقة والقطيعة بين المسلمين ما جعل منهم في عهود ضعفهم السياسى وركودهم الذهنى شعوباً وجماعات تكاد تتقابل أو تتباين، بدلا من أن تكون متآخية أو متقاربة في السير وفي الغاية في الحياة.
و أهم هذه العوامل ـ حسب وقوعها التاريخي ـ هي:
العامل الأول: الاحداث السياسية الداخلية الأولى:
بعد وفاة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم)وقبل دفنه، اختلف المسلمون في المكان الذي يدفن فيه: أيدفن بالمدينة وهي مقر الانصار؟ أم يدفن بمكة وهي الموطن الأول للدعوة الإسلامية، ثم هي مكان المهاجرين؟
و لم يحسم هذا الخلاف بين الفريقين إلا تلاوة ذلك الحديث: (الانبياء يدفنون حيث يموتون) فنذكره الطرفان.
و بعد دفنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم)اختلف الفريقان أيضاً: من يقوم بشئون المسلمين العامة ويخلفه في التوجيه والقيادة؟ واتسعت فجوة الخلاف حتى نادت الانصار بأن يكون منهم أمير، ونادى المهاجرون بأن يكون منهم أمير كذلك، وانتهي الأمر بتولية أبي بكر.
ومنذ ذلك اليوم ابتدأت الانظار تتجه إلى الخلافة، وإلى عمل الخليفة أو الامام.
وابتدأ الرأي يتشعب حول هذا المركز الخطير والمؤهلات التي يجب أن تتوافر فيمن يشغله كما ابتدأ ينقسم حول تكبيف العمل الذي يقوم به شاغله بالفعل.