/ صفحه 280/
في ضرورة المبادلة بين حقوق الافراد وواجباتهم في هذه الجماعة، ويرى المظهر الواضح للتكتل في السير نحو غاية واحدة وهدف واحد في ا لحياة.
و يبغي سلام العالم جميعه. ويرى هذا السلام في دفع الاعتداء في العالم، والمساهمة الجماعية في دفعه، وفي تبادل المنافع الادبية والمادية في علاقات الشعوب بعضها ببعض، ويرى أن مظهر السلام في العالم يبدو أيضا في اتجاه الشعوب إلى التعاون الوثيق من أجل غاية واحدة. هي القربي من "الله".
و الإسلام إذ يحدد غاية العالم بالله: قد حددها بالخير العام للبشرية جميعا: لانه إذ ينادى بتقوى الله يضمن ذلك نصح ا لناس بأن يراقبوا "الله" في أعمالهم فلا يحكموا الهوى وا لمنافع الشخصية البحتة في هذه الاعمال، ولا يقصدوا إلى الإيذاء والاضرار الخاصة والعامة بأدائها. ومن هنا يكون النداء بتقوى الله هو النداء بالخير العام، والقربي إلى الله هي القربي عن طريق هذا الخير العام.
كما أنه إذ ينادى بعبادة الله، وباتخاذ الله الغاية الاخيرة في الوجود ـ يضمن ذلك توجيه الناس إلى أن اتجاههم في الحياة يجب أن يكون نحو الخير العام.
و كلما ابتعد الانسان في صنع الخير وتجاوز به حدود نفسه إلى غيره في جماعته أو في جماعات أخرى، كان أدخل في
عبادة الله، وأقرب إليه.
رسالة الإسلام إذن هي "الوحدة" أو "الانسجام": في دائرة الفرد بين قوى النفس المختلفة، وكذا بين النفس من جهة والجسم من جهة أخرى، وفي دائرة الجماعة بين إنسان وآخر، وفي دائرة البشرية بين أمة وأخرى، ثم بين الشعوب جمعيا.
* * *
إذا كانت هذه هي رسالة الإسلام فلم تفرق المسلمون؟
ولم جادل بعضهم بعضاً في الرأي؟
ولم اختلفوا في تفسير الإسلام وتعاليمه؟
ولم نشأ عن بعض هذه التفسيرات من المذاهب ما أنكره فريق باسم الإسلام وماصوره هو نفسه فريق آخر بأنه الصورة النقية للاسلام؟