/ صفحه 246/
الإسلام يؤثر فعل الخير والبر على التمسك باليمين المنافية لهما:
ويتصل بهذا المعني أن الإسلام لا يكتفي بأن يبيح للمرء أن يتحلل من التزامه بما لا خير فيه حين يرى ذلك، بل يوجب عليه هذا ويأمره به على أن يكفر يمينه، وفي ذلك يقول النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في ما صح عنه "إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فائت الذي هو خير وكفر عن يمينك" وفي لفظ "فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير" وقد جاء هذا الحديث بروايات كثيرة غير هاتين، وفي بعضها تقديم التكفير، وفي البعض الاخر تقديم فعل ما هو الخير على التكفير، وقد استدل بذلك على جواز الامرين.
فالاسلام لا يحب أن يعوق الخير أبداً، ولا يرضي بأن يكبل ا لناس بأى قيد يحول بينهم وبين الصلاح والإصلاح، ويتجاوز في هذا عن عقدة اليمين وعن كونه عهداً بين صاحبه وبين الله جل جلاله، وهذه نظرة سامية للخير وفالمصلحة، وتشريع سديد من شأنه أن يفتح المجال أمام العاملين المصلحين.
التفرقة بين اللغو وما عقدت عليه العزائم:
ثم إن الإسلام لم يعتد في الايمان باللغو، وإنما اعتد بما عقدت عليه العزائم، وقد اختلفوا في اللغو تبعاً لما جاء تفسيراً له في الروايات، فمنهم من قال: هو تحريم ما أحله الله لك كما جاء في الآية السابقة، فعليك أن ترجع عنه ولا كفارة عليك، ومنهم من قال: اللغو مثل أن يتبايع الرجلان فيقول أحدهما: والله لا اشتري منك الا بكذا ويقول الثاني والله لا أبيعك إلا بكذا، ثم يقبل كل منهما بغير ما حلف عليه، وقيل: هو الحلف في الغضب، وقيل: هو في النسيان، وقيل: هو الايمان التي يجرى بها اللسان في الكلام دون قصد، كأن تقول لصاحبك: لا والله. بلى والله، أو لضيفك: والله لتأكلن هذه، أو لتقدمن على... الخ.
أما الايمان المعقودة فهي التي تقال مقصودة مصمما عليها في روية وفكر، فهذه هى التي تجب فيها الكفارة.