/ صفحه 245/
التخلص من هذا التحريم، ذكرت أحكام الايمان والكفارة، ومباحث الايمان والكفارة مبسوطة في كتب الققه، وفيها تفصيلات كثيرة للعلماء، وحسبنا أن تذكر هنا هذه المسائل:
حكمة الإسلام في تشريع الكفارات
لمن تورط باليمين أو الخطأ أو الالتزام:
إن الإسلام يقف في هذه المسألة أيضاـ كدأبه في جميع تشريعاته ـ موقفاً ملائماً للفطرة، ذلك أن الانسان قد يتأثر في وقت من الاوقات بدافع من حماسته وانفعاله في حال الرضا أو الغضب، فتصدر منه يمين حاسمة يلتزم بها أمراً من الأُمور، ثم تهداً حماسته، ويزول انفعاله، ويعود إلى حالته الطبيعية، فربما تبين له شططه أو ارتكابه ما يخالف البرو الخير بإقدامه على هذه اليمين، فلو فرضنا أن التشريع الإلهي كان ملزماً له بما التزم، مضيقا عليه فيه، لا سبيل إلى انفكاكه منه; فلا شك ذلك يكون سبباً في عنت كبير، ومشقة بالغة، لا يطيقها عادة، ويظل المرء آسفاً على مات بدر منه، فإن
التزم ما ألزم نفسه إياه في صدق وإخلاص عملا بدينه، وخوفا من ربه، فإن ذلك هو المشقة اللازمة التي لا تطاق، وإن تساهل بدافع من نفسه، متحللا من يمينه دون أن يكون التحلل مشروعا; فإنه حينئذ يكون رافضاً لدينه، خارجا عليه، معذب النفس والضمير بذلك دائماً وإن اجترأ عليه، وتوقح فيه، فلم يكن بد إذن من أن يوجد مخلص تشريعي لهذا المتورط، ومن أن يفتح له باب الرجوع عما تورط فيه، تمشيا مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها، والرحمة التي جعلت من أسس التشريع وكلاهما يقتضى التخفيف والتخليص من المآزق والمضايق .
لهذا كان من محاسن الإسلام شرع الكفارات في الاخطاء والايمان والالتزامات التي تنافى الطبيعة، وتجافى ما فطر عليه الناس، فللايمان كفارة، ولقتل النفس خطأ كفارة، وللظهار كفارة... إلى غير ذلك، وفي ذلك يقول القرآن الكريم "قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهوالعليم الحكيم".