/ صفحه 240/
في هذا فقال فرقد لا آكله ولا أحب أكله، فأقبل الحسن على غيره كالمتعجب، وقال: لعاب النحل بلباب البر مع سمن البقر هل يعيبه مسلم!
و يقول الطبرى في هذا أيضاً: "لا يجوز لأحد من المسلمين تحريم شيء مما أحل الله لعباده المؤمنين على نفسه من طيبات المطاعم والملابس والمناكح إذا خاف على نفسه بإحلال ذلك بهابعض العنت والمشقة، ولذلك رد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)التبتل على ابن مظعون، فثبت أنه لا فضل في ترك شى ء مما أحله الله لعباده، وأن الفضل والبر إنما هو في فعل ما ندب عباده إليه، وعمل به رسول الله صلى ا لله عليه وسلم، وسنه لامته، واتبعه على منهاجه الائمة الراشدون، إذ كان خير الهدى هدى نبينا محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فإذا كان كذلك تبين خطأ من آثر لباس الشعر والصوف على لباس القطن والكتان إذا قدر على لباس ذلك من حله، وآثر أكل الخشن من الطعام، وترك اللحم وغيره
حذراً من عارض الحاجة إلى النساء فقد ظن خطاً،
وذلك أن الأولى بالانسان صلاح نفسه وعونه لها على طاعة ربها، ولاشي ء أضر للجسم من المطاعم الرديئة لانها مفسدة لعقله، ومضعفة لادوائه التي جعلها الله سببا إلى طاعته، وقد جاء رجل إلى الحسن البصرى; فقال: إن لي جاراً لا يأكل الفالوذج، فقال: ولم؟ قال: يقول لا يؤدى شكره; فقال الحسن: أفييشرب الماء البارد؟ فقال: نعم، فقال: إن جارك جاهل، فإن نعمة الله عليه في الماء البارد أكثر من نعمته عليه في الفالوذج".
* * *
توسط الإسلام أصل إصلاحي عظيم الاثر في البشر:
هذا أصل من أصول الإسلام الإصلاحية، وبه ضمن الله لامة الإسلام صفات الحياة والتدرج في مراقى الحضارة والمدنية، والسعي إلى الانتفاع بكل ما في هذا الكون من منافع سخرها الله للإنسان في رقابة من تقوى الله وخشيته