/ صفحة 24/
يتخذوهم أولياء يلقون إليهم بالمودة، كما جاء في سورة الممتحنة "يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة"، أما الولاية الحقيقية فمنفية بالطبع، ليس مما ينهى عنه، لأن المؤمن الذي استقر الإيمان في قلبه حقاً وصدقاً، لا يمكن أن يجتمع في قلبه مع الإيمان ولاء لكافر عدو لدينه، كما قررنا .
بواعث اتخاذ الكافرين أولياء: ملاحظة المصالح الخاصة:
وقد بين لنا القرآن الكريم البواعث التي تبعث على اتخاذ الكافرين أولياء، وأنها تراجع إلى ضعف في النفوس، ونقص في الإيمان:
1 ـ فمن ذلك أن يلاحظ المرء مصلحة لأهله ورحمة، فيجامل مخالفيه في العقيدة إلى حد أن يكون لهم ولياً ونصيراً على إخوانه وموافقيه، حفظاً لمصالح أهله ورحمة .
قصة حاطب بن أبي بلقعة:
وقد روى أن آيات "الممتحنة" نزلت في شأن حاطب بن أبي بلقعة، وهو رجل من المهاجرين شهد بدراً، وكان له بمكة أولاد ومال، فلما عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على فتح مكة، أراد حاطب أن يتخذ في قريش يداً يحمون بها قرابته وماله، فكتب إليهم كتاباً يخبرهم فيه بما أعتزمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرسله مع ظعينة كانت بالمدينة وقصدت إلى مكة، فأطلع الله رسوله على ذلك، فأرسل علياً والزبير والمقداد، فأدركوها في الطريق، وأخذوا منها الكتاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا حاطب، ما هذا؟) قال: (لا تعجل عليَّ إني كنت أمراً ملصقاً في قريش، ولم أكن من أنفسهم يعني أنه لا نسب له فهيم، لأنه إنما كان حليفاً لعثمان ـ وكان من كان معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهلهم بمكة، فأحبت إذ فأتي ذلك من النسب فيهم أن اتخذ فيهم يدا يحمون بها قرابتي، وما فعلت ذلك كفراً ولا ارتداداً عن ديني ولا رضا بالكفر بعد (الإسلام) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنه صدقكم) فقال عمر: دعني أضرب عنق هذا المافق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنه شهد بدرا وما يدربك لعل الله اطلع على أهل بدر،فقال اعملوا ما شتم فقد غفرت لكم .