/ صفحه 237/
اعترف بالحرب كضرورة بشرية "و لو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض" ولكنه مع هذا نهي عن ا لاعتدابها أو فيها، وحث على الانصاف والعدل حتى مع البغض والشنآن "فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين".
"فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوالله".
و مما جاء على هذا المبدأ أيضاً مبدأ التوسط آية التفسير التي نحن الآن بصددها "يأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين"... الخ.
* * *
سبب نزول آيات التفسير:
ذكروا في سبب نزول هذه الايات روايات كثيرة لا تختلف معانيها كثيرا، وكلها تفيد أن الإسلام يأبى للناس أن يقصدوا إلى ما كان يقصد إليه أهل التبتل والرهبانية، ويريدهم على أن يأخذوا بحظ بشريتهم من الحياة والمادة في قصد واعتدال.
و نحن نسوق بعض هذه الروايات على شهرتها وكثرة ذكرها في كتب التفسير والحديث، تسهيلا وتقريباً وتكميلا، وليكتفي بها من شاء.
فمن ذلك ما خرجه مسلم عن أنس أن نفراً من أصحاب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سألوا أزواج النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن عمله في السر، فقال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعصهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على الفراش ـ فبلغ ذلك رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ـ فحمد الله وأثني عليه فقال: "ما بال أقوام قالوا كذا وكذا؟ لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني".
وأخرجه البخارى عن أنس أيضا ولفظه قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)يسألون عن عبادته، فلما أخبروا بها كأنهم تقالوها