/ صفحة 22/
ونعود بعد هذا إلى موضوعنا في دراسة النهي عن اتخاذ الكافرين أولياء، فنقول:
لا ولاية بين الحق والباطل:
إذا توافق جماعة على أمر، فكان نظرهم إليه واحداً، وحظهم منه واحداً، فالفطرة تقضي بأن يكونوا فيه نصراء، بعضهم أولياء بعض، وذلك يتصور بين المؤمنين والمؤمنين، ويتصور بين الكافرين والكافرين، ولكنه لا يتصور بين مؤمن وكافر، ولا يتصور بين منافق ومنافق، ولذلك أثبت الله الولاية للمؤمنين بعضهم مع بعض، فقال: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض" وأثبتها للكافرين بعضهم مع بعض فقال: "والذين كفروا بعضهم أولياء بعض" وهو نفس التعبير الذي جاء في آيتنا التي نحن بصددها: "يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض" أما ولاية المؤمن للكافر فقد نفي الله أن تكون وذلك حيث يقول: "ومن يتولهم منكم فإنه منهم" يعني أن الإيمان وتولي الكافر متنافيان، فلا يمكن أن يجتمعا، ولا يعقل أن المؤمن من حيث هو مؤمن يوالي الكافر من حيث هو كافر، وكل آيات القرآن متضافرة على هذا، ففي سورة التوبة: "يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون" والشاهد في قوله: "فأولئك هم الظالمون" والآية تدل على أن هذا النهي الحاسم لا يتأثر بأية رابطة حتى رابطة الأبوة والأخوة، وهي الرابطة النسبية: رابطة اللحم والدم، وفي سورة المائدة: ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم، حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين" والإشارة إلى الذين يتولون الكافرين .
لا رابطة بين منافق ومنافق:
ولم يثبت الله سبحانه وتعالى "الولاية" بين المنافقين بعضهم مع بعض، لكن قال "والمنافقون والمنافقات بعضهم من بعض" والتعبير بلفظ (من) يفيد معنى التشابه، ولا يفيد معنى التناصر والولاية، إ لا رابطة قلبية بين منافق ومنافق،