/ صفحه 219/
أكل الصائم حين تغرب الشمس، وكان هذان المدلولان صادقين أيام كان الناس يكتفون بأكلتين: أكلة الغدوة، وأكلة
العشية، فلما اقتضي حال العيش ونظام العمل أن يأكلوا ثلاث أكلات نقلوا الغداء من الغدوة إلى الظهر، واستعاروا الفطور من وجبة الصائم إذا أمسي إلى وجبة المفطر إذا أصبح، ووجه الشبه بين الاكلتين، أنهما تجبان بعد إمساك، إمساك نهار للصائم، وإمساك ليل للمفطر وقد فعل الفرنسيون كما فعلنا، أو نحن فعلنا كما فعلوا، فإن فعل (Diner) في لغتهم لاتينى الاصل، وكان معناه في اللاتينة الافطار أو قطع الصوم بالاكل، ولا يكون ذلك إلا صباحا، فلما جعلوا طعامهم في اليوم ثلاث وجبات نقلوا (Diner) من أول النهار إلى نصفه. ثم وضعوا لوجبة الصبح لفظا آخر بمعناه وهو.... (Dejeuner). ثم اضطرتهم المدنية إلى أن يأكلوا أربع أكلات، فوضعوا الفطور الصغير للصبح، والفطور للظهر، والغداء للعشاء، والعشاء لنصف الليل، فهل يجوز أن تبقي كلمتا الفطور والغداء وأمثالهما في المعجمين الكبير والوسيط على هذا الوضع، والناس في جميع الاقطار العربية يستعملونهما اليوم في غير ما كان يستعملهما العرب؟ وبأى سند نضعهما في المعجم إذا لم يكن المجمع قد قرر حجية السماع الموَلد أسوة بالسماع القديم؟
من أجل ذلك نطمع في أن يوجه المجمع الموقر عنايته الكريمة إلى الانتفاع بقراريه في الوضع والسماع على صورة أشمل وأكمل وأسرع ليعوض اللغة العامة مما نالها من طول انصرافه عنها إلى اللغة الخاصة، وذلك بقبوله هذه المقترحات الثلاثة:
المقترح الأول: أن يعبي ء قواه أو أكثرها لجمع ألفاظ الحضارة الموضوعة والمسموعة والمنقولة من البيئات المصرية والاقطار العربية، فيكلف محررية بما كان يصنعه رواة اللغة الاولون من الخروج إلى الوادى، ومشافهة الاعراب، والنقل عنهم، فيخرج المحررون كل يوم إلى المتاجر والمصانع والمزارع، فيسألون كل ذى سلعة، وكل ذى صنعة، وكل ذى آلة عن اسمها العام واسم كل جزء من