/ صفحه 196/
زين العابدين، وطاف فتنحي الناس له عن الحجر واستلمه، قال شاميٌّ مشدوها: من هذا؟ فقال هشام: لا أعرفه، فأنشد الفرزدق على البديهة القصيدة المشهورة راداً عليه، فزجه في السجن، فشفى غيظه وقال مستهزئاً وعائباً بما لا ينبغى التفوه به، وهشام ابن الخليفة، ومرشح أن يصير خليفة:
أيحبسني بين المدينة والتي * * * إليها قلوب الناس يهوى منيبها
يقلب رأساً لم يكن رأس سيد * * * وعينا له حولاء باد عيوبها
مما حمله على إطلاقه على الرغم منه.
رجل تلك شنشنته لا يقبل الذوق أن يوجه له البيتان، بلي يوجهان لجرير المنهافت على نوال قيس الزارى على تميم.
الثاني: أن البيتين من قصيدة طويلة للفرزدق معدودة من روائع شعره قالها شامتاً حين قتل وكيع بن أبي سود التميمي قتيبة بن مسلم الباهلي القيسي لخروجه عن طاعة الخليفة سليمان بن عبدالملك في يوم اضطرب فيه حبل الامن في خراسان سنة ست وتسعين ومنها يخاطب جريرا:
تعيرنا أيام قيس ولم ندع * * * لعَيْلان أنفاً مستقيم الخياشم
و ما أنت من قيس فتنبح دونها * * * ولا من تميم في الرؤوس الاعاظم
فلم ين جرير في الرد على الفرزدق بنقيضة تناهض قصيدته.
و منها على سبيل التمثيل:
تُحضض يابن القين قيساً ليجعلوا * * * لقومك يوماً مثل يوم الاراقم
و إني وقيساً يابن قين مجاشع * * * كريم أصفي مدحتي للاكارم
* * * * * * إذا عُدَّت الايام اخزين دارما * * * وتخريك يابن القين أيام دارم(1)