/ صفحه 192/
أو جمع مذكر سالم بالعلامتين المعروفتين أعجمية، والالتفات إليها لايجدى في اعتبار الاخين مفرداً، مزيداً فيه للضرورة.
لقد لبثا طويلا في الحديث العلمى، واستدامة التفكير فيه مَجْهدة للذهن، وقد قال عبدالله بن مسعود رضى الله عنه: القلوب تمل كما تمل الابدان، فابتغوا لها طرائف الحكمة، فيجمل أن يتخلل المجلس ما يستريح به القلب، وتستجم به النفس، حتى يعود لها نشاطها، وفي ثنايا الأدب العربى طرائف نتفكه بواحدة منها. وما ألطف أن نشابه ما نحن فيه، وتدور حول نقد يعود على ملاحظة مناطها عدم اتساق أو انسجام أو اتصال أو تقارب فيما قيل في أي شأن من الشؤون، والشيء يذكر، فقد حضرني ملحة:
ملحة:
روى الأصبهاني في الاغانى بعده سنده: (حدثنى بعض أصحابنا عن أبي نواس أنه قال شاعران قالا بيتين: وضعا التشبيه فيهما في غير موضعه، فلو أخذ البيت الثانى من شعر أحدهما فجعل مع بيت الاخر، وأخذ بيت ذاك، فجعل مع هذا الصار متفقاً معني وتشبيها، فقلت له أني ذلك؟ فقال: قول الفرزدق لجرير:
فإنك إذ تهجو تميما وترتشي * * * تَبابين قيس أو سُحوقَ العَمائم
كمهريق ماء بالفلاة وغره * * * سراب أذاعته رياح السمائم(1)
وقول ابن هَرْمة:

ـــــــــــ
1- تبايين: جمع تبان وهو سراويل صغير مقدار شبر يستر العورة المغلظة فقط يكون للملاحين. والسحوق: جمع سحق وهو الخلق البالي، وإضافته إلى العمائم من إضافة الصفة إلى الموصوف، وفيه التأويل المعروف عند النجاة في قول العربي سحق عمامة، والسمائم، جمع سموم وهي الريح الحارة.
و إني وتركي ندى الاكرمين * * * وقد حي بكفي زنداً شحاحا
كتاركة بيضها بالعراء * * * وملبسة بيض أخرى جناحا(1)