/ صفحه 191/
وفيما يأتي قريباً التفصيل عن بينة للقولين مع الموازنة بينهما.
والمقصود أولا وآخراً الانكار على جعلها مفرعة إلياس بوساطة الاتيان بكسرة بدل الفتحة... إلخ ما مضي.
ذلك هو مثار هذا الحديث المسهب الذي يبدولي بعده أن اتجه اتجاها آخر اختصر فيه الطريق، فأنظر إلى أساس الموضوع، إذ أنه طال حبل، الدلو والمستقي قريب من يد المتناول، لان المسلك السابق مبني على التسليم، والجواب بالمنع أولي وأقرب.
ذلك أنه لا صلة بين الاخين وإلياسين، فالاولي عربية والثانية أعجمية، ففي اللسان مادة (ألس): وإلياس أسم أعجمي، و(ليس): وإلياس اسم قال ابن سيده أراه عبرانياً، وفي القاموس (ألس): إلياس علم أعجمى، وفي الاتقان للسيوطى: وإلياس بهمزة قطع اسم عبراني.
فلا مراء أنهما متباينان منبتاً ولا يتماثلان استعمالا.
إن العربية لاترنو إلى العجمية، لانها ليست من فصيلتها، والعربي القُح لا يومض للهرمزية ومن يحاكيها من العجماوات، وقد دهش من استلاب فؤاده وهيج شوقه عند هديل الحمام مع عجمته، حميد بن ثور الهلاى:
وما هاج هذا الشوق إلا حمامة * * * دعت ساق حر في حمام ترنما
عجبت لها أني يكون غناؤها * * * فصيحاً ولم تفْغَر بمنطقها فما
فلم أر مثلي شاقه صوت مثلها * * * ولا عربياً شاقه صوت أعجما(1)

ـــــــــــ
1- ساق حر: ذكر القمارى أو لحن الحمامة، وترنما: صوت بما لا يفهم، وتفغر: تفتح، والابيات من قصيدة بلغت تسعة عشر بيتا بعد المائة. راجع ديوان حميد طبع دار الكتب.
فحرى أن يذهب ما تكمن من قلبك يا صفي، بل لا يبقي رسيسه في خلدك، بعد ما اهتديت إلى الحق، وأن الأخين جمع مذكر سالم لاخ بفضل علامتي الجمع المعتبرتين لا الملغاتين، وهي عربية، وأن إلياسين مفرد على أنه لغة أخرى