/ صفحه 190/
فمن ناحيتين لا مندوحة من التسليم في تفرع الاَخَين من الاخ: أصالته الكسرة والضرورة، والضرروات تبيح الحظورات.
وهذا توجيه تغلغل تأثيره في ذهني، وأرانى مأخوذاً بالاذعان له لوجاهته وبدوِّقياسه الاولوى.
قال ـ على رسلك، فرب عجلة تهب ريثا، لقد عرضت أول دليل يستنتج منه مطاوعة اللغة في زيادتى الاخين على الاخ، ألا وهو القياس على إلياسين في إلياس: وهذا لعمرى في القياس بديع.
إن المقيس عليه دائماً يكون مسلم الحكم ليتجه إليه القائس في حمل غيره عليه مما خفى حكمه للمناسبة الجامعة بينهما، ولا أعرف في الكلمات الدائرة في الاساليب العربية إحلال كسرة محل فتحة في (الاختيار) ثم التعويل عليها ومدها لتولد ياء الاشباع منها كما في (إلياسين).
أيصح بعدئذ أن نعتبر هذا العمل الذي لا عهد لنا به أصلا لنجاريه ونحمل عليه غيره مما فيه الكسرة أصلية ومع ذلك في (النظم)؟
ولو عكست القضية وعد العمل المظنون في إلياسين مستنداً إلى مسايرته للاخين على أي ملاحظة دارت في الخلد، لكان ذلك في ميدان النقاش محتملا، وإن أباه واقعية الأمر لاول وهلة.
منشأهذا المبحث:
إن منشأ كل ما سلف من هذا الحديث الطويل الذي كثر فيه الاخذ والرد، والاقتراض والنقض: هو الزعم أن الفتحة في إلياس صارت كسرة تولدت عنها الياء فزيدت بعدها نون، وتمخض عن ذلك: إلياسين، وأن هذا العمل مسنون متبع في
العربية، فلا نكران على الاخ أن يؤول إلى الاخين.
وسترى قريباً أن ذلك لم يخطر على بال لرحالاتها، وإنما كان حديثهم يدور عنها في اتجاه آخر هو: هل إلياسين لغة أخرى في إلياس دون نظر إلى أبتنائها عليها؟ ذاك رأي كثيرين، لان القليل جنح إلى جعلها جمعاً لالياس.