/ صفحه 175/
فبعد هذه الحرب العالمية ازداد سفر العلماء المصريين والعرب إلى أمريكا عن طريق التبادل الثقافي لالقاء سلسلة من المحاضرات في فنزة محدودة، كما ازداد التحاق الطلاب المصريين والعرب بالجامعات الامريكية كمبعوثين حكوميين، أو على مشروعات خاصة كمشروع فول بريت أو مشروع النقطة الرابعة. وقليل من هؤلاء الطلاب من هو على حسابه الخاص.
الطالب الامريكي، كما ذكرت سابقا، تحمله الرغبة القوية إذا ما التقي بطالب أو بعالم من البلاد الإسلامية ـ في أن يعرف منه شيئاً عن الإسلام وعن الحياة الإسلامية، لان ذلك هو الشيء المجهول له في حياته هناك.
وهذه الرغبة تبدو من الطالب الامريكي، ولو كان المحاضر يحاضر في شيء فنى آخر لا صلة له بالتعبير عن التعاليم الإسلامية. فطالما المحاضر أو الطالب الغريب من بلد إسلامي فمركز الاستفهام والسؤال في نظر الطالب الامريكى هو:
الإسلام والمسلمون
وقد لمست ذلك في وضوح وغير مرة: فقد كان الأستاذ محمد خلف الله أحمد وقد صحبنى في زيارة الجامعات الامريكية التي زرتها يلقى بعض محاضرات عن الأدب العربى، ويتحدث في الأدب العربى المعاصر عن فن المسرحيات وعن الكتاب المحدثين. فالاسئلة ـ التي أعقبت المحاضرة وقد استغرق وقتها ضعف وقت المحاضرة اتجهت من جميع السائلين فجأة إلى مقاييس الإسلام الخلفية، ومبادئه في السياسة الدولية، وتنظيمه للاسرة، وعلاجه للفجوة بين الطبقات، ومعالم العدالة الاجتماعية في نظره... وهلم جرا; اتجهت إلى الموضوعات التي تبعد كل البعد من الوجهة العلمية البحثة عن موضوع المحاضرة.
و كثير من هؤلاء العلماء والطلاب ذهب إلى أمريكا ومعه صورة مهوشة عن الإسلام، وربما كانت حياة المسلمين الحاضرة في البلاد الإسلامية هي مصدر معرفته بالتعاليم الإسلامية. فيستوحى من حياة المسلمين ليرسم للطالب الامريكي صورة هي أبعد ما تكون عن الإسلام، ولكنه بقدمها إليه على أنها تعبير صادق للمبادىء الإسلامية.